" صفحة رقم ٣٣٨ "
والمجيبون هم العقلاء من المعبودين الملائكة وعيسى عليهم السلام.
وقولهم :( سبحانك ( كلمة تنزيه كني بها عن التعجب من قول فظيع. كقول الأعشى :
قد قلت لما جاءني فخره
سبحان من علقمة الفاخر
وتقدم في سورة النور ( ١٦ ) :( سبحانك هذا بهتان عظيم. واعلم أن ظاهر ضمير نحشرهم ( أن يعود على المشركين الذين قرعتهم الآية بالوعيد وهم الذين قالوا :( مال هذا الرسول يأكل الطعام ( إلى قوله :( مسحوراً ( ( الفرقان : ٧، ٨ ) ؛ لكن ما يقتضيه وصفهم ب ) الظالمون ( والإخبار عنهم بأنهم كذبوا بالساعة وما يقتضيه ظاهر الموصول في قوله :( لمن كذب بالساعة ( ( الفرقان : ١١ ) من شمول كل من تحقق فيه مضمون الصلة، كل ذلك يقتضي أن يكون ضمير ) نحشرهم ( عائداً إلى ) من كذب بالساعة ( فيشمل المشركين الموجودين في وقت نزول الآية ومن انقرض منهم بعد بلوغ الدعوة المحمدية ومن سيأتي بعدهم من المشركين.
ووصف العباد هنا تسجيل على المشركين بالعبودية وتعريض بكفرانهم حقها.
والإشارة إليهم لتمييزهم من بين بقية العباد.
وهذا أصل في أداء الشهادة على عين المشهود عليه لدى القاضي.
وإسناد القول إلى ما يُعبدون من دون الله يقتضي أن الله يجعل في الأصنام نطقاً يسمعه عبدتها، أما غير الأصنام ممن عبد من العقلاء فالقول فيهم ظاهر.
وإعادة فعل ) ضلوا ( في قوله :( أم هم ضلوا السبيل ( ليجري على ضميرهم مسند فعلي فيفيد التقوّي في نسبة الضلال إليهم. والمعنى : أم هم ضلوا من تلقاء أنفسهم دون تضليل منكم. وحق الفعل أن يعدى ب ( عن ) ولكنه عدي بنفسه لتضمنه معنى ( أخطؤوا )، أو على نزع الخافض.
و ) سبحانك ( تعظيم لله تعالى في مقام الاعتراف بأنهم ينزهون الله عن أن يدّعوا لأنفسهم مشاركته في الإلاهية.


الصفحة التالية
Icon