" صفحة رقم ٤٩ "
الله للنَّاس الخبيثَ من الطيب ولو شاء الله لآمن بنوح قومُه ثم لو شاء الله لنصره عليهم من أول يوم وهذه سنَّة إلهيَّة. وفي هذا المعنى ما جاء في حديث أبي سفيان أن هرقل قال له ( وكذلك الأنبياء تُبْتَلَى ثم تكون لهم العاقبة )، وفي القرآن ) والعاقبة للمتقين ( ( القصص : ٨٣ ).
والابتلاء تقدم في قوله تعالى :( وإذِ ابْتَلَى إبراهيمَ ربُّه ( ( البقرة : ١٢٤ ) وقوله :( وفي ذلكُم بلاءٌ من ربكم عظيم في سورة البقرة ( ٤٩ ).
وفي قوله : وإن كنا لمبتلين ( تسلية للنبيء محمد ( ﷺ ) على ما يلقاه من المشركين، وتعريض بتهديد المشركين بأن ما يواجِهون به الرسول ( ﷺ ) لا بَقَاءَ له وإنما هو بلوى تزول عنه وتحل بهم ولكلَ حظٌّ يناسبه.
ولكون هذا مما قد يغيب عن الألباب نُزّل منزلة الشيء المتردد فيه فأكد ب ) إنْ ( المخفَّفة وبفعل ) كنا ).
واللام هي الفارقة بين ( إنْ ) المؤكدة المخففة عند إهمال عملها وبين ( إنْ ) النافية.
٣١، ٣٢ ) ) ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً ءَاخَرِينَ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَاهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ).
تعقيب قصة نوح وقومه بقصة رسول آخر، أي أخرى، وما بعدها من القصص يراد منه أن ما أصاب قوم نوح على تكذيبهم له لم يكن صدفة ولكنه سنة الله في المكذبين لرسله ولذلك لم يعيَّن القرن ولا القرون بأسمائهم.
والقرن : الأمة. والأظهر أن المراد به هنا ثمود لأنه الذي يناسبه قوله في آخر القصة ) فأخذتهم الصيحة بالحق ( ( المؤمنون : ٤١ )، لأن ثمود أُهلكوا بالصاعقة


الصفحة التالية
Icon