" صفحة رقم ١٥١ "
وغير لوط ابن أخيه كان المقام بذكر الترهيب أجدر، فلذلك أطنب في وصف حال الضالّين يوم البعث وسوءِ مصيرهم حيث يندمون على ما فرطوا في الدنيا من الإيمان والطاعة ويتمنون أن يعودوا إلى الدنيا ليتداركوا الإيمان ولات ساعة مَندم.
والإزلاف : التقريب. وقد تقدم في قوله :( وأزلفنا ثَمّ الآخرين ( في هذه السورة ( ٦٤ ). والمعنى : أن المتقين يجدون الجنة حاضرة فلا يتجشمون مشقة السوْق إليها.
واللام في ) للمتقين ( لام التعدية.
و ) برزت ( مبالغة في أُبرزت لأن التضعيف فيه مبالغة ليست في التعدية بالهمزة، ونظيره قوله تعالى :( وبُرّزت الجحيم لمن يرى ( في سورة النازعات ( ٣٦ ). والمراد ب ) الغاوين ( الموصوفون بالغواية، أي ضلال الرأي.
وذكْر ما يقال للغاوين للإنحاء عليهم وإظهار حقارة أصنامهم، فقيل لهم ) أين ما كنتم تعبدون ( وفي الاقتصار على ذكر هذا دون غيره مما يخاطبون به يومئذ مناسبة لمقام طلب الإقلاع عن عبادة تلك الأصنام.
وأسند فعل القول إلى غير معلوم لأن الغرض تعلق بمعرفة القول لا بمعرفة القائل، فالقائل الملائكة بإذن من الله تعالى لأن المشركين أحقر من أن يوجه الله إليهم خطابه مباشرة.
والاستفهام في قوله :( أين ما كنتم تعبدون ( استفهام عن تعيين مكان الأصنام إن لم تكن حاضرة، أو عن عملها إن كانت حاضرة في ذلك الموقف، تنزيلاً لعدم جدواها فيما كانوا يأملونه منها منزلةَ العدم تهكّماً وتوبيخاً وتوقيفاً على الخطأ.
والاستفهام في ) هل ينصرونكم ( كذلك مع الإنكار أن تكون الأصنام نصراء. والانتصار طلب النصير.
وكتب ) أينما ( في المصاحف موصولة نون ( أين ) بميم ( ما ) والمتعارف في الرسم القياسي أن مثله يكتب مفصولاً لأن ( ما ) هنا اسم موصول وليست المزيدة