" صفحة رقم ١٨٩ "
و ) الروح الأمين ( جبريل وهو لقبه في القرآن، سمّي رُوحاً لأن الملائكة من عالم الروحانيات وهي المجردات. وتقدم الكلام على الروح في سورة الإسراء، وتقدم ) روح القدس في البقرة ( ٨٧ ). ونزول جبريل إذنُ الله تعالى، فنزولُه تنزيل من رب العالمين.
والأمين ( صفة جبريل لأن الله أمنه على وحيه. والباء في قوله :( نزل به ( للمصاحبة.
والقلب : يطلق على ما به قبول المعلومات كما قال تعالى :( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلبٌ ( ( ق : ٣٧ ) أي إدراك وعقل.
وقوله :( على قلبك ( يتعلق بفعل ) نزل (، و ) على ( للاستعلاء المجازي لأن النزول وصول من مكان عال فهو مقتض استقرار النازل على مكان.
ومعنى نزول جبريل على قلب النبي عليهما السلام : اتصاله بقوة إدراك النبي لإلقاء الوحي الإلهي في قوَّته المتلقّية للكلام الموحى بألفاظه، ففعل ( نزل ) حقيقة.
وحرف ) على ( مستعار للدلالة على التمكن مما سمي بقلب النبي مثل استعارته في قوله تعالى :( أولئك على هدى من ربهم ( ( البقرة : ٥ ).
وقد وصَف النبي ( ﷺ ) ذلك كما في حديث ( الصحيحين ) عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام سأل رسول الله ( ﷺ ) فقال : يا رسول الله كيف يأتيك الوحي ؟ فقال رسولُ الله ( ﷺ ) ( أحياناً يأتيني مثلَ صَلْصَلَة الجَرَس فيَفْصِمُ عني وقد وَعَيتُ عنه ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملَك رجلاً فيكلمني فأعِي ما يقول ).
وهذان الوصفان خاصّان بوحي نزول القرآن. وثمة وحي من قبيل إبلاغ المعنى وسمّاه النبي ( ﷺ ) في حديث آخر نفْثاً. فقال :( إن روح القدس نَفَث في رُوعي أن نفساً لن تموت حتى تستوفي أجلها ). فهذا اللفظ ليس من القرآن فهو وحي بالمعنى ( والروع : العقل ) وقد يكون الوحي في رؤيا النوم فإن النبي لا ينام