" صفحة رقم ٢٠٠ "
ذلك كالفذلكة لما قبله وهو بعمومه يتنزل منزلة التذييل.
والمعزول : المبعد عن أمر فهو في عُزلة عنه. وفي هذا إبطال للكهانة من أصلها وهي وإن كانت فيها شيء من الاتصال بالقوى الروحية في سالف الزمان فقد زال ذلك منذ ظهور الإسلام.
٣ ) ) فَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَاهاً ءَاخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ).
لما وجه الخطاب إلى النبي ( ﷺ ) من قوله :( نَزَل به الروح الأمين على قلبك ( ( الشعراء : ١٩٣، ١٩٤ ) إلى هنا، في آيات أشادت بنزول القرآن من عند الله تعالى وحققت صدقه بأنه مذكور في كتب الأنبياء السالفين وشهد به علماء بني إسرائيل، وأنحى على المشركين بإبطال ما ألصقوه بالقرآن من بهتانهم، لا جرم اقتضى ذلك ثبوت ما جاء به القرآن. وأصل ذلك هو إبطال دين الشرك الذي تقلدته قريش وغيرها وناضلت عليه بالأكاذيب ؛ فناسب أن يتفرع عليه النهي عن الإشراك بالله والتحذير منه.
فقوله :( فلا تدع مع الله إلاهاً آخر ( خطاب لغير معيّن فيعمّ كل من يسمع هذا الكلام، ويجوز أن يكون الخطاب موجهاً إلى النبي ( ﷺ ) لأنه المبلغ عن الله تعالى فللاهتمام بهذا النهي وقع توجيهه إلى النبي ( ﷺ ) مع تحقق أنه منته عن ذلك، فتعين أن يكون النهي للذين هم متلبسون بالإشراك، ونظير هذا قوله تعالى :( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت لَيَحْبَطَنَّ عملُك ولتكونَنّ من الخاسرين ( ( الزمر : ٦٥ ). والمقصود من مثل ذلك الخطاب غيره ممن يبلغه الخطاب.
فالمعنى : فلا تدعوا مع الله إلهاً آخر فتكونوا من المعذبين. وفي هذا تعريض بالمشركين أنهم سيعذبون للعلم بأن النبي ( ﷺ ) وأصحابه غير مشركين.
٤ ) ) وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ ).
عطف على قوله :( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ( ( الشعراء : ١٩٣، ١٩٤ )، فهو تخصيص بعد تعميم للاهتمام بهذا الخاص. ووجه الاهتمام أنهم أولى الناس بقبول