" صفحة رقم ٢٠١ "
نصحه وتعزيز جانبه ولئلا يسبق إلى أذهانهم أن ما يلقيه الرسول من الغلظة في الإنذار وأهوال الوعيد لا يقع عليهم لأنهم قرابة هذا المنذر وخاصته. ويدل على هذا قوله ( ﷺ ) في ندائه لهم :( لا أغني عنكم من الله شيئاً )، وأن فيه تعريضاً بقلة رعي كثير منهم حق القرابة إذ آذاه كثير منهم وعصَوْه مثل أبي لهب فلا يحسبوا أنهم ناجون في الحالتين وأن يعلموا أنهم لا يكتفَى من مؤمنهم بإيمانه حتى يضم إليه العمل الصالح ؛ فهذا مما يدخل في النذارة، ولذلك دعا النبي ( ﷺ ) عند نزول هذه الآية قرابتَه مؤمنين وكافرين.
ففي حديث عائشة وابن عباس وأبي هريرة في ( صحيحي البخاري ومسلم ) يجمعها قولهم :( لمّا نزلت ) وأنذر عشيرتك الأقربين ( قام رسول الله على الصَّفا فدعا قريشاً فجعل ينادي : يا بني فهر يا بني عديّ، لبطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو، فقال : يا معشر قريش، فعَمَّ وخص، يا بني كعب بننِ لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مُرَّة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، اشتروا أنفسكم من الله لا أُغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفيةُ عمةَ رسول الله لا أغني عنككِ من الله شيئاً، يا فاطمة بنت رسول الله سليني من مالي ما شئتتِ لا أُغني عنك من الله شيئاً، غيرَ أنَّ لكم رَحِماً سأبُلُّها ببلاَلها ) وكانت صفية وفاطمة من المؤمنين وكان إنذارهما إعمالاً لفعل الأمر في معانيه كلها من الدعوة إلى الإيمان وإلى صالح الأعمال ؛ فجمع النبي ( ﷺ ) بين الإنذار من الشرك والإنذار من المعاصي لأنه أنذر صفية وفاطمة وكانتا مسلمتين.
وفي ( صحيح البخاري ) عن ابن عباس قال : لما نزلت :( وأنذر عشيرتك الأقربين ( صعد النبي ( ( ﷺ ) على الصفا فجعل ينادي : يا بني فهر يا بني عديّ، لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فقال : أرأيتكُم لو أخبرتُكم أن خيلاً بالوادي