" صفحة رقم ٢٠٢ "
تريد أن تُغير عليكم أكنتم مصدّقِيَّ ؟ قالوا : نعم ما جربنا عليك إلا صدقاً. قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب : تبّاً لك سائرَ اليوم ألهذا جمعتنا ؟ فنزلت ) تبت يَدا أبي لهب وتبَّ ما أغنى عنه ماله وما كسب ( ( المسد : ١، ٢ ).
وهذا الحديث يقتضي أن سورة الشعراء نزلت قبل سورة أبي لهب مع أن سورة أبي لهب عُدّت السادسة في عداد نزول السور، وسورة الشعراء عُدّت السابعة والأربعين. فالظاهر أن قوله :( وأنذر عشيرتك الأقربين ( نزل قبل سورة الشعراء مفرداً، فقد جاء في بعض الروايات عن ابن عباس في ( صحيح مسلم ) : لمّا نزلت ( وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطَك منهم المخلصين ) وأن ذلك نسخ. فلعل الآية نزلت أول مرة ثم نسخت تلاوتها ثم أعيد نزول بعضها في جملة بسورة الشعراء.
والعشيرة : الأدْنَوْن من القبيلة، فوصف ) الأقربين ( تأكيد لمعنى العشيرة واجتلاب لقلوبهم إلى إجابة ما دعاهم إليه وتعريض بأهل الإدانة منهم.
وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة على المرء من وقع الحسام المهنّد.
وإلى هذا يشير قول النبي ( ﷺ ) لهم في آخر الدعوة المتقدمة ( غير أن لكم رحماً سأبُلُّها ببلالها ) أي ذلك منتهى ما أملك لكم حين لا أملك لكم من الله شيئاً، فيحق عليكم أن تبُلُّوا لي رحمي مما تملكون، فإنكم تملكون أن تستجيبوا لي.
وتقدم ذكر العشيرة في قوله تعالى :( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم ( في سورة براءة ( ٢٤ ).
٥ ) ) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ).
معترض بين الجملتين ابتداراً لكرامة المؤمنين قبل الأمر بالتبرؤ من الذين لا يؤمنون، وبعد الأمر بالإنذار الذي لا يخلو من وقع أليم في النفوس.
وخفض الجناح : مثَل للمعاملة باللِّين والتواضع. وقد تقدم عند قوله تعالى :( واخفض جناحك للمؤمنين ( في سورة الحجر ( ٨٨ )، وقوله :( واخفض لهما جناح