" صفحة رقم ٢٣٤ "
طالوت ( شاول ). فما كان عجب في نبوءة محمد الأمي بين الأميين ليعلم المشركون أن الله أعطى الحكمة والنبوءة محمداً ( ﷺ ) ولم يكن يعلم ذلك من قبلُ ولكن في قومه من يعلم ذلك كما قال تعالى :( ما كنتَ تعلمُها أنتَ ولا قومُك من قبل هذا ( ( هود : ٤٩ )، فهذه القصة تتصل بقوله تعالى :( وإنك لَتُلَقّى القرآن من لدن حكيم عليم ( ( النمل : ٦ ).
فيصح أن تكون جملة :( ولقد آتينا داود ( معطوفاً على ) إذ قال موسى لأهله ( ( النمل : ٧ ) إذا جعلنا ( إذ ) مفعولاً لفعل ( اذكر ) محذوف.
ويصح أن تكون الواو للاستئناف فالجملة مستأنفة. ومناسبة الذكر ظاهرة. وبعدُ ففي كل قصة من قصص القرآن علم وعبرة وأسوة.
وافتتاح الجملة بلام القسم وحرف التحقيق لتنزيل المخاطبين به منزلة من يتردد في ذلك لأنهم جحدوا نبوءة مثللِ داود وسليمان إذ قالوا :( لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ( ( سبأ : ٣١ ).
وتنكير ) علماً ( للتعظيم لأنه علم بنبوءة وحكمة كقوله في صاحب موسى ) وعلّمناه من لدُنَّا عِلْماً ( ( الكهف : ٦٥ ).
وفي فعل ) آتينا ( ما يؤذن بأنه علم مفاض من عند الله، لأن الإيتاءَ أخصّ من ) علّمناه ( فلذلك استغني هنا عن كلمة ( من لدنّا ).
وحكاية قولهما ) الحمد لله الذي فضلنا ( كناية عن تفضيلهما بفضائل غير العلم. ألاَ ترى إلى قوله :( على كثير من عباده المؤمنين ( ومنهم أهلُ العلم وغيرهم، وتنويه بأنهما شاكران نعمته.
ولأجل ذلك عطف قولهما هذا بالواو دُون الفاء لأنه ليس حمداً لمجرد الشكر على إيتاءِ العلم.
والظاهر أن حكاية قوليهما وقعت بالمعنى، بأن قال كل واحد منهما : الحمد لله الذي فضلني، فلما حكي القولان جمع ضمير المتكلم، ويجوز أن يكون كل واحد شكر الله على منحه ومنححِ قريبه، على أنه يكثر استعمال ضمير المتكلم


الصفحة التالية
Icon