" صفحة رقم ٢٥١ "
وانتشر أبناؤه في بلاد الجنوب الذي على البحر وهو بلاد ( حضرموت ) ثم بنى ابنه يَشجب ( بفتح التحتية وضم الجيم ) مدينة صنعاء وسمى البلاد باليمن، ثم خلفه ابنه عَبَّشمس ( بتشديد الموحدة ومعناه ضوء الشمس ) وساد قومه ولقب سَبأ ( بفتحتين وهمزة في آخره ) واستقل بأهله فبنى مدينة مأرب حاضرة سبأ، قال النابغة الجعدي :
من سبأ الحاضرين مأرب إذ
يبنون من دون سَيْله العَرِما
وبين مأرب وصنعاء مسيرة ثلاث مراحل خفيفة.
ثم جاء بعد سبأ ابنُه حِمْير ويلقب العَرنْجح ( أي العتيق )، ويظهر أنه جعل بلاده ظفار بعد أن انتقل أبناء يشجب منها إلى صنعاء. وفي المثَل : من ظَفَّر حَمَّر، أي من دخل ظفار فليتكلم بالحميرية، ولهذا المثل قصة.
فكانت البلاد اليمنية أو القحطانية منقسمة إلى ثلاث قبائل : اليمنية، والسبئية، والحميرية. وكان على كل قبيلة مَلِك منها، واستقلّت أفخاذهم بمواقع أطلقوا على الواحد منها اسم مخلاف ( بكسر الميم ) وكان لكل مخلاف رئيس يلقب بالقيل ويقال له : ذو كذا، بالإضافة إلى اسم مخلافه، مثل ذو رُعين. والملك الذي تتبعه الأقيال كلها ويحكم اليمن كلّها يلقب تُبَّع لأنه متبوع بأمراء كثيرين.
وقد انفردت سبأ بالملك في حدود القرن السابع عشر قبل الهجرة وكان أشهر ملوكهم أو أولَهم الهَدهاد بن شرحبيل ويلقب اليَشَرَّح ( بفتح التحتية وفتح الشين المعجمة وفتح الراء مشددة وبحاء مهملة في آخره ). ثم وليت بعده بلقيس ابنة شرحبيل أيضاً أو شراحيل ولم تكن ذات زوج فيما يظهر من سياق القرآن. وقيل كانت متزوجة شَدد بن زرعة، فإن صح ذلك فلعله لم تطل مدته فمات. وكان أهل سَبأ صابئة يعبدون الشمس. وبقية ذكر حضارتهم تأتي في تفسير سورة سَبأ.
و ) أحطت ( يقرأ بطاء مشددة لأنه التقاء طاء الكلمة وتاء المتكلم فقلبت هذه التاء طاء وأدغمتا.


الصفحة التالية
Icon