" صفحة رقم ١٣٥ "
( ٤٧ ).
هذا متصل بقوله ) لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون ( ( القصص : ٤٦ )، لأن الإنذار يكون بين يدي عذاب.
و ) لولا ( الأولى حرف امتناع لوجود، أي انتفاء جوابها لأجل وجود شرطها وهو حرف يلزم الابتداء فالواقع بعده مبتدأ والخبر عن المبتدأ الواقع بعد ) لولا ( واجب الحذف وهو مقدر بكون عام. والمبتدأ هنا هو المصدر المنسبك من ) أن ( وفعل ) تصيبهم ( والتقدير : لولا إصابتهم بمصيبة، وقد عقب الفعل المسبوك بمصدر بفعل آخر وهو ) فيقولوا (، فوجب أن يدخل هذا الفعل المعطوف في الانسباك بمصدر، وهو معطوف بفاء التعقيب. فهذا المعطوف هو المقصود مثل قوله تعالى ) أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ( ( البقرة : ٢٨٢ ) فالمقصود هو ( أن تذكر إحداهما الأخرى ).
وإنما حيك نظم الكلام على هذا المنوال ولم يقل : ولولا أن يقولوا ربنا الخ حين تصيبهم مصيبة إلى آخره، لنكتة الاهتمام بالتحذير من إصابة المصيبة فوضعت في موضع المبتدأ دون موضع الظرف لتساوي المبتدأ المقصود من جملة شرط ) لولا ( فيصبح هو وظرفه عمدتين في الكلام، فالتقدير هنا : ولولا إصابتهم بمصيبة يعقبها قولهم ) ربنا لولا أرسلت ( الخ لما عبأنا بإرسالك إليهم لأنهم أهل عناد وتصميم على الكفر.
فجواب ) لولا ( محذوف دل عليه ما تقدم من قوله ) وما كنت بجانب الغربي ( إلى قوله ) لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك ( ( القصص : ٤٤ ٤٦ )، أي ولكنا أعذرنا إليهم بإرسالك لنقطع معذرتهم. وجواب ) لولا ( محذوف دل عليه الكلام السابق، أي لولا الرحمة بهم بتذكيرهم وإنذارهم لكانوا مستحقين حلول المصيبة بهم.
و ) لولا ( الثانية حرف تحضيض، أي هلا أرسلت إلينا قبل أن تأخذنا بعذاب فتصلح أحوالنا وأنت غني عن عذابنا. وانتصب ) فنتبع ( ( بأن ) مضمرة وجوباً في جواب التحضيض.