" صفحة رقم ١٣٩ "
( ٤٩ ٥٠ ).
أي أجب كلامهم المحكي من قولهم ) ساحران ( ( القصص : ٤٨ ) وقولهم ) إنا بكل كافرون ( ( القصص : ٤٨ ).
ووصف ( كتاب ) ب ) من عند الله ( إدماج لمدح القرآن والتوراة بأنهما كتابان من عند الله. والمراد بالتوراة ما تشتمل عليه الأسفار الأربعة المنسوبة إلى موسى من كلام الله إلى موسى أو من إسناد موسى أمراً إلى الله لا كل ما اشتملت عليه تلك الأسفار فإن فيها قصصاً وحوادث ما هي من كلام الله. فيقال للمصحف هو كلام الله بالتحقيق ولا يقال لأسفار العهدين كلام الله إلا على التغليب إذ لم يدع ذلك المرسلان بكتابي العهد. وقد تحداهم القرآن في هذه الآية بما يشتمل عليه القرآن من الهدى ببلاغة نظمه. وهذا دليل على أن مما يشتمل عليه من العلم والحقائق هو من طرق إعجازه كما قدمناه في المقدمة العاشرة.
فمعنى ) فإن لم يستجيبوا لك ( إن لم يستجيبوا لدعوتك، أي إلى الدين بعد قيام الحجة عليهم بهذا التحدي، فاعلم أن استمرارهم على الكفر بعد ذلك ما هو إلا اتباع للهوى ولا شبهة لهم في دينهم.
ويجوز أن يراد بعدم الاستجابة عدم الإتيان بكتاب أهدى من القرآن لأن فعل الاستحابة يقتضي دعاء ولا دعاء في قوله ) فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما ( بل هو تعجيز، فالتقدير : فإن عجزوا ولم يستجيبوا لدعوتك بعد العجز فاعلم أنما يتبعون أهواءهم، أي لا غير. واعلم أن فعل الاستجابة بزيادة السين والتاء يتعدى إلى الدعاء بنفسه ويتعدى إلى الداعي باللام، وحينئذ يحذف لفظ الدعاء غالباً فقلما قيل : استجاب الله له دعاءه، بل يقتصر على : استجاب الله له، فإذا قالوا : دعاه فاستجابه كان المعنى فاستجاب دعاءه. وهذا كقوله ) فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله ( في سورة هود ( ١٤ ).