" صفحة رقم ٢٠٣ "
الإيمان وقع ذلك منهم موقع المباغتة والتعجب، وتقدم الترك المجازي في قوله تعالى ) وتَرَكَهُم في ظلمات لا يبصرون ( أوائل البقرة ( ١٧ ).
و ) أن يقولوا ( في موضع نصب على نزع الخافض الذي هو لام التعليل. والتقدير : لأجل أن يقولوا آمنا.
وجملة ) وهم لا يفتنون ( حال، أي لا يحسبوا أنهم سالمون من الفتنة إذا آمنوا.
والفتن والفتون : فساد حال الناس بالعدوان والأذى في الأنفس والأموال والأهلين. والاسم : الفتنة، وقد تقدم عند قوله تعالى ) إنما نحن فتنة فلا تكفر ( في سورة البقرة ( ١٠٢ ).
وبناء فعلي ) يُتركوا... ويُفتنون ( للمجهول للاستغناء عن ذكر الفاعل لظهور أن الفاعل قوم ليسوا بمؤمنين، أي أن يتركوا خالين عن فتون الكافرين إياهم لما هو معروف من الأحداث قبيل نزولها، ولما هو معلوم من دأب الناس أن يناصبوا العداء من خالفهم في معتقداتهم ومن ترفع عن رذائلهم. والمعنى : أحَسِبَ الذين قالوا آمنا أن يتركهم أعداء الدين دون أن يفتنوهم. ومن فسروا الفتون هنا بما شمل التكاليف الشاقة مثل الهجرة والجهاد قد ابتعدوا عن مهيع المعنى و اللفظ وناكدوا ما تفرع عنه من قوله ) فليعلمَنّ الله الذين صدقوا وليعلَمَنّ الكاذبين ( ( العنكبوت : ٣ ).
وإنما لم نقدر فاعل ) يتركوا ( و ) يفتنون ( أنه الله تعالى تحاشا مع التشابه مع وجود مندوحة عنه.
وهذه الفتنة مراتب أعظمها التعذيب كما فعل ببلال، وعمار بن ياسر وأبويه.
( ٣ ).
انتقال إلى التنويه بالفتون لأجل الإيمان بالله بأنه سنة الله في سالف أهل الإيمان وتأكيد الجملة بلام القسم وحرف التحقيق لتنزيل المؤمنين حين استعظموا ما نالهم


الصفحة التالية
Icon