" صفحة رقم ٢٠٨ "
مبينة لها ولذلك فصلت. ولولا هذا الوقع لكان حق الإخبار بها أن يجيء بواسطة حرف العطف. ورجاء لقاء الله : ظنّ وقوع الحضور لحساب الله.
و ) لقاء الله ( : الحشر للجزاء لأن الناس يتلقون خطاب الله المتعلق بهم، لهم أو عليهم، مباشرة بدون واسطة، وقد تقدم في قوله ) الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم ( ( البقرة : ٤٦ ) وقوله ) واعلموا أنكم ملاقوه ( في سورة البقرة ( ٢٢٣ ).
و ) أجل الله ( يجوز أن يكون الوقت الذي عينه الله في علمه للبعث والحساب فيكون من الإظهار في مقام الإضمار، ومقتضى الظاهر أن يقال : فإنه لآتتٍ فعدل إلى الإظهار كما في إضافة ) أجل ( إلى اسم الجلالة من الإيماء إلى أنه لا يخلف. والمقصود الاهتمام بالتحريض على الاستعداد. ويجوز أن يكون المراد ب ) أجل الله ( الأجل الذي عيَّنه الله لنصر المؤمنين وانتهاء فتنة المشركين إياهم باستئصال مساعير تلك الفتنة، وهم صناديد قريش وذلك بما كان من النصر يوم بدر ثم ما عقبه إلى فتح مكة فيكون الكلام تثبيتاً للرسول ( ﷺ ) وللمؤمنين حين استبطأ المؤمنون النصر للخلاص من فتنة المشركين حتى يعبدوا الله لا يفتنوهم في عبادته. والمعنى عليه : إن كنتم مؤمنين بالبعث إيقاناً ينبعث من تصديق وعد الله به فإن تصديقكم بمجيء النصر أجدر لأنه وعدكم به، ف ) من ( شرطية، وجعل فعل الشرط فعل الكون للدلالة على تمكن هذ الرجاء من فاعل فعل الشرط.
ولهذا كان قوله ) فإن أجل الله لآت ( جواباً لقوله ) من كان يرجو لقاء الله ( باعتبار دلالته على الجواب المقدر ليلتئم الربط بين مدلول جملة الشرط ومدلول جملة الجزاء. ولولا ذلك لاختلّ الربط بين الشرط والجزاء إذ يفضي إلى معنى من لم يكن يرجو لقاء الله فإن أجل الله غير آتتٍ. وهذا لا يستقيم في مجاري الكلام فلزم تقدير شيء من باب دلالة الاقتضاء.
وتأكيد جملة الجزاء بحرف التوكيد على الوجه الأول للتحريض والحث على الاستعداد للقاء الله، وعلى الوجه الثاني لقصد تحقيق النصر الموعود به تنزيلاً لاستبطائه منزلة التردد لقصد إذكاء يقينهم بما وعد الله ولا يوهنهم طول المدة الذي يضخمه الانتظار. وبهذا يظهر وقع التذييل بوصفي ) السميع العليم ( دون غيرهما من الصفات العُلَى للإيماء بوصف ) السميع ( إلى أن الله تعالى سمع


الصفحة التالية
Icon