" صفحة رقم ٢٢٧ "
ويجوز أن تكون الجملة معترضة والواو اعتراضية واعترض هذا الكلام بين كلام إبراهيم وجواب قومه، فهو كلام موجه من جانب الله تعالى إلى المشركين التفت به من الغيبة إلى الخطاب تسجيلاً عليهم، والمقصود منه بيان فائدة سوق قصة نوح وإبراهيم وأن للرسول ( ﷺ ) إسوة برسل الأمم الذين قبله وخاصة إبراهيم جدّ العرب المقصودين بالخطاب على هذا الوجه.
وجملة ) وما على الرسول إلا البلاغ المبين ( إعلام للمخاطبين بأن تكذيبهم لا يلحقه منه ما فيه تشف منه ؛ فإن كان من كلام إبراهيم فالمراد بالرسول إبراهيم سلك مسلك الإظهار في مقام الإضمار لإيذان عنوان الرسول بأن واجبه إبلاغ ما أرسل به بيّناً واضحاً، وإن كان من خطاب الله مشركي قريش فالمراد بالرسول محمد ( ﷺ ) وقد غلب عليه هذا الوصف في القرآن مع الإيذان بأن عنوان الرسالة لا يقتضي إلا التبليغ الواضح.
( ١٩ ).
يجري هذا الكلام على الوجهين المذكورين في قوله ) وإن تكذبوا ( ( العنكبوت : ١٨ ). ويترجح أن هذا مسوق من جانب الله تعالى إلى المشركين بأن الجمهور قرأوا ) أو لم يروا ( بياء الغيبة ولم يجر مثل قوله ) وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ( ( العنكبوت : ١٨ ). ومناسبة التعرض لهذا هو ما جرى من الإشارة إلى البعث في قوله ) وإليه ترجعون ( ( العنكبوت : ١٧ ) تنظيراً لحال مشركي العرب بحال قوم إبراهيم.
وقرأ الجمهور ) أو لم يروا ( بياء الغائب والضمير عائد إلى ) الذين كفروا ( ( العنكبوت : ١٢ ) في قوله ) وقال الذين كفروا للذين ءامنوا ( ( العنكبوت : ١٢ )، أو إلى معلوم من سياق الكلام. وعلى وجه أن يكون قوله ) وإن تكذبوا ( ( العنكبوت : ١٨ ) الخ خارجاً عن مقالة إبراهيم يكون ضمير الغائب في ) أو لم يروا ( التفاتاً. والالتفات من الخطاب إلى الغيبة لنكتة إبعادهم عن شرف الحضور بعد الإخبار عنهم بأنهم مُكذبون.
وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف ) أو لم تروا ( بالفوقية على


الصفحة التالية
Icon