" صفحة رقم ١٠٤ "
القريب الغني فلعله غير مراد هنا وليس مما يشمله لفظ ) حقه ( وإنما يدخل في حسن المعاملة المرغب فيها.
وحق المسكين : سد خلته. وحق ابن السبيل : الضيافة كما في الحديث ( جائزته يومٌ وليلة ) والمقصود إبطال عادة أهل الجاهلية إذ كانوا يؤثرون البعيد على القريب في الإهداء والإيصاء حباً للمدحة، ويؤثرون بعطاياهم السادة وأهل السمعة تقرباً إليهم، فأمر المسلمون أن يتجنبوا ذلك، قال تعالى :( كُتِب عليكم إذا حَضَر أحدَكم الموتُ إنْ تَرك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف كما تقدم في سورة البقرة.
ولذلك عقب بقوله هنا ذلك خير للذين يريدون وجه الله ( أي الذين يتوخّون بعطاياهم إرضاء الله وتحصيل ثوابه وهم المؤمنون. والإشارة بقوله ) ذلك خير ( إلى الإيتاء المأخوذ من قوله ) فئاتتِ ذا القربى حقَّه ( الآية.
وذكر الوجه هنا تمثيل كأن المعطي أعطى المال بمرأى من الله لأن الوجه هو محلّ النظر. وفيه أيضاً مشاكلة تقديرية لأن هذا الأمر أريد به مقابلة ما كان يفعله أهل الجاهلية من الإعطاء لوجه المعْطَى من أهل الوجاهة في القوم فجعل هنا الإعطاء لوجه الله. والمراد : أنه لامتثال أمره وتحصيل رضاه.
واسم الإشارة في قوله ) ذلك خير ( للتنويه بالمأمور به. و ) خير ( يجوز أن يكون تفضيلاً والمفضّل عليه مفهوم من السياق أن ذلك خير من صنيع أهل الجاهلية الذين يعطون الأغنياء البعداء للرياء والسمعة، أو المراد ذلك خير من بذل المال في المراباة التي تُذكر بعد في قوله ) وما ءاتيتم من رِبّاً الآية ( الروم : ٣٩ ). ويجوز أن يكون الخير ما قابل الشر، أي ذلك فيه خيرٌ للمؤمنين، وهو ثواب الله.
وفي قوله وأولئك هم المفلحون ( صيغة قصر من أجل ضمير الفصل، وهو قصر إضافي، أي أولئك المتفردون بالفلاح، وهو نجاح عملهم في إيتاء من ذكر