" صفحة رقم ١٥٣ "
الإعانة أو الإغناء أو غير ذلك من فوائد الشكر للمشكورين على تفاوت مقاماتهم، والله غني عن جميع ذلك، وهو ) حميد، أي : كثير المحمودية بلسان حال الكائنات كلها حتى حال الكافر به كما قال تعالى ولله يسجد مَن في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً سورة الرعد.
ومن بلاغة القرآن وبديع إيجازه أن كان قوله أن اشكر لله ( جامعاً لمبدأ الحكمة التي أوتيها لقمان، ولأمره بالشكر على ذلك، فقد جمع قوله ) أن اشكر لله ( الإرشاد إلى الشكر، مع الشروع في الأمر المشكور عليه تنبيهاً على المبادرة بالشكر عند حصول النعمة. وإنما قوبل الإعراض عن الشكر بوصف الله بأنه حميد لأن الحمد والشكر متقاربان، وفي الحديث :( الحَمدُ رأس الشكر )، فلما لم يكن في أسماء الله تعالى اسم من مادة الشكر إلا اسمه الشكور وهو بمعنى شاكر، أي : شاكر لعباده عبادتَهم إياه عُبر هنا باسمه ) حميد ). وجيء في فعل ) يشكر ( بصيغة المضارع للإيماء إلى جدارة الشكر بالتجديد.
واللام في قوله ) أن اشكر لي ( ( لقمان : ١٤ ) داخلة على مفعول الشكر وهي لام ملتزم زيادتها مع مادة الشكر للتأكيد والتقوية، وتقدم في قوله ) واشكُرُوا لي في سورة البقرة.
عطف على جملة ) ءاتينا لقمان الحكمة ( ( لقمان : ١٢ ) لأن الواو نائبة مناب الفعل فمضمون هذه الجملة يفسر بعض الحكمة التي أوتيها لقمان. والتقدير : وآتيناه الحكمة إذْ قال لابنه فهو في وقت قوله ذلك لابنه قد أوتي حكمة فكان ذلك القول من الحكمة لا محالة، وكل حالة تصدر عنه فيها حكمة هو فيها قد أوتي حكمة.
و ) إذ ( ظرف متعلق بالفعل المقدّر الذي دلت عليه واو العطف، أي والتقدير : وآتيناه الحكمة إذ قال لابنه. وهذا انتقال من وصفه بحكمة الاهتداء


الصفحة التالية
Icon