" صفحة رقم ١٦٢ "
وجملة ) ثم إليّ مرجعكم ( وَعد ووعيد. وفي هذه الضمائر تغليب الخطاب على الغيبة لأن الخطاب أهم لأنه أعرف.
تكرير النداء لتجديد نشاط السامع لوعي الكلام. وقرأ نافع وأبو جعفر ) إن تَكُ مثقالُ ( برفع ) مثقالُ ( على أنه فاعل ) تَكُ مِن ( كان ) التامة. وإنما جيء بفعله بتاء المضارعة للمؤنثة، وأعيد عليه الضمير في قوله بها ( مؤنثاً مع أن ) مثقال لفظ غير مؤنث لأنه أضيف إلى حبة ( فاكتسب التأنيث من المضاف إليه، وهو استعمال كثير إذا كان المضاف لو حذف لما اختل الكلام بحيث يستغنى بالمضاف إليه عن المضاف، وعليه فضمير ) إنها ( للقصة والحادثة وهو المسمى بضمير الشأن، وهو يقع بصورة ضمير المفردة المؤنثة بتأويل القصة، ويختار تأنيث هذا الضمير إذا كان في القصة لفظ مؤنث كما في قوله تعالى ) فإنها لا تَعْمَى الأبصار ( ( الحج : ٤٦ )، ويكثر وقوع ضمير الشأن بعد ( إنَّ ) كقوله تعالى ) إنه مَن يأتتِ ربه مجرماً فإنَّ له جَهَنم لا يَمُوت فيها ولا يَحْيى ( ( طه : ٧٤ )، ومن ذلك تقدير ضمير الشأن اسماً لحرف ( أنَّ ) المفتوحة المخففة، وهو يفيد الاهتمام بإقبال المخاطب على ما يأتي بعده، فاجتمع في هذه الجملة ثلاثة مؤكدات : النداء، وإنَّ، وضمير القصة، لعظم خطر ما بعده المفيد تقرير وصفه تعالى بالعلم المحيط بجميع المعلومات من الكائنات، ووصفه بالقدرة المحيطة بجميع الممكنات بقرينة قوله ) يأت بها الله. (
وقد أفيد ذلك بطريق دلالة الفحوى ؛ فذُكر أدقُّ الكائنات حالاً من حيث تعلق العلم والقدرة به، وذلك أدق الأجسام المختفي في أصْلَب مكان أو أقصاه وأعزِّه منالاً، أو أوسعه وأشده انتشاراً، ليعلم أن ما هو أقوى منه في الظهور والدّنو من التناول أولى بأن يحيط به علم الله وقدرته.