" صفحة رقم ١٧٣ "
وكثرة الصلاة، وسَخاء النفس بما معك من دابّة أو ماء أو زاد، وإذا استشهدوك على الحق فاشهَد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر، ولا تُجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورته، فإن من لم يمحض النصيحة من استشارة سلبه الله رأيه، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، فإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم، واسمع لمن هو أكبر منك سنّاً. وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئاً فقل نعم ولا تقل ( لا ) فإن ( لا ) عِيٌّ ولؤم، وإذا تحيرتم في الطريق فأنزلوا، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا، وإذا رأيتم شخصاً واحداً فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فإن الشخص الواحد في الفلاة مُريب لعله يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيّركم. واحذروا الشخصين أيضاً إلا أن تروا ما لا أرى لأن العاقِل إذا أبصر بعينه شيئاً عرف الحق منه والشاهد يرى ما لا يرى الغائب.
يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء، صلِّها واسترح منها فإنها دَين، وصلِّ في جماعة ولو على رأس زَجّ. وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لوناً وألينها تربة وأكثرها عشباً. وإذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس، وإذا أردت قضاء حاجتك فأبْعِد المذهب في الأرض. وإذا ارتحلت فصلّ ركعتين ثم ودّع الأرض التي حللتَ بها وسلّم على أهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة، وإن استطعت أن لا تأكل طعاماً حتى تبتدىء فتتصدق منه فافعل. وعليك بقراءة كتاب الله لعله يعني الزبور ما دمت راكباً، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملاً عملاً، وعليك بالدعاء ما دمت خالياً. وإياك والسير في أول الليل إلى آخره. وإياك ورفع الصوت في مسيرك. فقد استقصينا ما وجدنا من حكمة لقمان مما يقارب سبعين حكمة.
رجوع إلى تعداد دلائل الوحدانية وما صحب ذلك من منة على الخلق، فالكلام استئناف ابتدائي عن الكلام السابق ورجوع إلى ما سلف في أول السورة