" صفحة رقم ١٧٦ "
وجملة ) وإذا قيل لهم ( الخ عطف على صلة ) مَن، ( أي : مَن حالهم هذا وذاك، وتقدم نظير هذه الجملة في سورة البقرة.
والضمير المنصوب في قوله ) يدعوهم ( عائد إلى الآباء، أي أيتبعون آباءهم ولو كان الشيطان يَدعو الآباء إلى العذاب فهم يتبعونهم إلى العذاب ولا يهتدون. و ) لو ( وصلية، والواو معها للحال.
والاستفهام تعجيبي من فظاعة ضلالهم وعماهم بحيث يتبعون من يدعوهم إلى النار، وهذا ذم لهم. وهو وزان قوله في آية البقرة :( أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً. والدعاء إلى عذاب السعير : الدعاء إلى أسبابه. والسعير تقدم في قوله تعالى : كلما خَبَتْ زِدْنَاهم سعيراً في سورة الإسراء.
هذا مقابل قوله ) ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ( ( لقمان : ٢٠ ) إلى قوله :( يدعوهم إلى عذاب السعير ( ( لقمان : ٢١ )، فأولئك الذين اتبعوا ما وجدوا ءاباءهم عليه من الشرك على غير بصيرة فوقعوا في العذاب، وهؤلاء الذين لم يتمسكوا بدين آبائهم وأسلموا لله لما دعاهم إلى الإسلام فلم يصدّهم عن اتباع الحق إلف ولا تقديس آباء ؛ فأولئك تعلقوا بالأوهام واستمسكوا بها لإرضاء أهوائهم، وهؤلاء استمسكوا بالحق إرضاء للدليل وأولئك أرضوا الشيطان وهؤلاء اتّبعوا رضى الله.
وإسلام الوجه إلى الله تمثيل لإفراده تعالى بالعبادة كأنه لا يقبل بوجهه على غير الله، وقد تقدم في قوله تعالى ) بَلى مَن أسلم وجهه لله وهو محسن في سورة البقرة، وقوله فَقُل أسلَمْتُ وجهيَ لله في سورة آل عمران.
وتعدية فعل يُسْلم ( بحرف ) إلى ( هنا دون اللام كما في آيتي سورة البقرة وسورة آل عمران عند الزمخشري مجاز في الفعل بتشبيه نفس الإنسان بالمتاع الذي يدفعه صاحبه إلى آخر ويَكِلُه إليه. وحقيقته أن يعدى باللام، أي وجهه وهو ذاته سالماً