" صفحة رقم ١٨١ "
المثل ؛ وقد كان ما قُصَّ من أخبار الماضين موطئاً لهذا فقد جرت قصة لقمان في هذه السورة كما جرت قصة أهل الكهف وذي القرنين في سورة الكهف فعقبتا بقوله في آخر السورة :( قل لو كان البحر مِدَاداً لكلمات ربي لَنَفِد البحر قبل أن تَنْفَد كلماتُ ربي ولو جئنا بمثله مَدَداً وهي مشابهة للآية التي في سورة لقمان. فهذا وجه اتصال هذه الآية بما قبلها من الآيات المتفرقة.
ولما في اتصال الآية بما قبلها من الخفاء أخذ أصحاب التأويل من السلف من أصحاب ابن عباس في بيان إيقاع هذه الآية في هذا الموْقع. فقيل : سبب نزولها ما ذكره الطبري وابن عطية والواحدي عن سعيد بن جبير وعكرمة وعطاء بن يسار بروايات متقاربة : أن اليهود سألوا رسول الله أو أغَروا قريشاً بسؤاله لمَّا سمعوا قول الله تعالى في شأنهم : ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ( ( الإسراء : ٨٥ ) فقالوا : كيف وأنت تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء فقال رسول الله ( ﷺ ) لمن سألوه : هي في علم الله قليل، ثم أنزل الله ) ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام ( الآيتين أو الآيات الثلاثَ.
وعن السدّي قالت قريش : ما أكثر كلامَ محمدٍ فنزلت :( ولو أنّ ما في الأرض من شجرة أقلام ).
وعن قتادة قالت قريش : سيتِمّ هذا الكلام لمحمد وينحسِر أي محمد ( ﷺ ) فلا يقول بعده كلاماً. وفي رواية : سينفَدُ هذا الكلام. وهذه يرجع بعضها إلى أن هذه الآية نزلت بالمدينة فيلزم أن يكون وضعها في هذا الموضع من السورة بتوقيف نبوي للمناسبة التي ذكرناها آنفاً، وبعضها يرجع إلى أنها مكية فيقتضي أن تكون نزلت في أثناء نزول سورة لقمان على أن توضع عقب الآيات التي نزلت قبلها.
و ) كلمات ( جمع كلمة بمعنى الكلام كما في قوله تعالى :( كَلاَّ إنها كلمةٌ هو قائلها ( ( المؤمنون : ١٠٠ ) أي : الكلام المنبىء عن مراد الله من بعض مخلوقاته مما يخاطب به ملائكته وغيرَهم من المخلوقات والعناصر المعدودة للتكون التي يقال لها : كن فتكون، ومن ذلك ما أنزله من الوحي إلى رسله وأنبيائه من أول أزمنة الأنبياء وما سينزله على رسوله ( ﷺ ) أي لو فُرض إرادة الله أن يكتب كلامَه كله صُحفاً