" صفحة رقم ١٨٣ "
وجملة ) إن الله عزيز حكيم ( تذييل، فهو لعزته لا يَغلبه الذين يزعمون عدم الحاجة إلى القرآن ينتظرون انفحام الرسول ( ﷺ ) وهو لحكمته لا تنحصر كلماته لأن الحكمة الحق لا نهاية لها.
وقرأ الجمهور برفع ) والبحرُ ( على أن الجملة الاسمية في موضع الحال والواو واو الحال وهي حال مِن ) ما في الأرض من شجرة، ( أي : تلك الأشجار كائنة في حال كون البحر مداداً لها، والواو يحصل بها من الربط والاكتفاء عن الضمير لدلالتها على المقارنة. وقرأ أبو عمرو ويعقوب ) والبحرَ ( بالنصب عطفاً على اسم ( إنّ ).
استئناف بياني متعلق بقوله ) إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا ( ( لقمان : ٢٣ ) لأنه كلما ذكر أمر البعث هجس في نفوس المشركين استحالة إعادة الأجسام بعد اضمحلالها فيكثر في القرآن تعقيب ذكر البعث بالإشارة إلى إمكانه وتقريبه. وكانوا أيضاً يقولون : إن الله خلقنا أطواراً نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم لحماً وعظماً فكيف يبعثنا خلقاً جديداً في ساعة واحدة وكيف يحيي جميع الأمم والأجيال التي تضمنتها الأرض في القرون الكثيرة، وكان أُبَيّ بنُ خلف وأبو الأسد أو أبو الأسدين ونُبَيْه، ومُنبِّه، ابنا الحجاج من بني سهم، يقولون ذلك وربما أسرّ به بعضهم. وضميرَا المخاطَبين مراد بهما جميع الخلق فهما بمنزلة الجنس، أي ما خلْقُ جميع الناس أول مرة ولا بَعْثُهم، أي خلقُهم ثاني مرة إلا كخلق نفس واحدة لأن خلق نفس واحدة هذا الخلق العجيب دال على تمام قدرة الخالق تعالى فإذا كان كامل القدرة استوى في جانب قدرته القليل والكثير والبدء والإعادة.
وفي قوله ) ما خلقكم ولا بعثكم ( التفات من الغيبة إلى الخطاب لقصد مجابهتهم بالاستدلال المُفْحِم.