" صفحة رقم ١٩١ "
دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون وقوله في سورة يونس : حتى إذا كنتم في الفلك وجرَيْنَ بهم بريح طيبة الآيات.
والغشيان : مستعار للمجيء المفاجىء لأنه يشبه التغطية، وتقدم في قوله تعالى : يُغشي الليل النهار في سورة الأعراف.
والظُّلَل : بضم الظاء وفتح اللام : جمع ظُلّة بالضم وهي : ما أظلّ من سحاب.
والفاء في قوله فمنهم مقتصد ( تدلّ على مقدر كأنه قيل : فلما نجاهم انقسموا فمنهم مقتصد ومنهم غيره كما سيأتي. وجعل ابن مالك الفاء داخلة على جواب ) لمّا ( أي رابطة للجواب ومخالفوه يمنعون اقتران جواب ) لما بالفاء كما في مغني اللبيب ).
والمقتصد : الفاعل للقصد وهو التوسط بين طرفين، والمقام دليل على أن المراد الاقتصاد في الكفر لوقوع تذييله بقوله ) وما يجحد بآياتنا إلاّ كل خَتّار كفور ( ولقوله في نظيره في سورة العنكبوت ) فلما نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون، وقد يطلق المقتصد على الذي يتوسط حالُه بين الصلاح وضده. كما قال تعالى : منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون ( ( المائدة : ٦٦ ).
والجاحد الكفور : هو المُفرط في الكفر والجَحد. والجُحود : الإنكار والنفي. وتقدم عند قوله تعالى :( ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون في سورة الأنعام. وعلم أن هنالك قسماً ثالثاً وهو الموقن بالآيات الشاكر للنعمة وأولئك هم المؤمنون. قال في سورة فاطر فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات، وهذا الاقتصار كقول جرير :
كانت حنيفة أثلاثاً فثلثهم
من العبيد وثلث من مواليها
أي : والثلث الآخر من أنفسهم.
والخَتَّار : الشديد الختر، والختر : أشدّ الغدر.
وجملة وما يجحد ( إلى آخرها تذييل لأنها تعم كل جاحد سواء من جحد آية