" صفحة رقم ٢٠٩ "
النسب إلى جَدّ اختصوا بالانتساب إليه. وتميزوا بذلك عمن يشاركهم في جدّ هو أعلى منه، فقُريش مثلاً قومٌ اختصوا بالانتساب إلى فِهر بن مالك بن النضر بن كنانة فتميزوا عمن عداهم من عقب كنانة فيقال: فلان قرشي وفلان كناني ولا يقال لمن هو من أبناء قريش كناني.
ووصف القوم بأنهم ﴿مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ﴾ قبلَ النبي صلى الله عليه وسلّم والنبي حينئذ يدعو أهل مكة ومن حولها إلى الإسلام وربما كانت الدعوة شملت أهل يثرب وكلّهم من العرب فظهر أن المراد بالقوم العرب الذين لم يأتهم رسول قَبْل محمد عليه الصلاة والسلام فإما أن يكون المراد قريشاً خاصة، أو عرب الحجاز أهلَ مكة والمدينة وقبائل الحجاز، وعرب الحجاز جذمان: عدنانيون وقحْطانيون؛ فأما العدنانيون فهم أبناء عدنان وهم من ذرية إسماعيل وإنما تقومت قوميتهم في أبناء عدنان: وهم مُضَرٌ وربيعةٌ وأنمار، وإيادٌ. وهؤلاء لم يأتهم رسول منذ تقومت قوميتهم. وأما جدهم إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام فإنه وإن كان رسولاً نبيئاً كما وصفه الله تعالى في سورة مريم، فإنما كانت رسالته خاصة بأهله وأصهاره من جُرهُم ولم يكن مرسلاً إلى الذين وجُدوا بعده لأن رسالته لم تكن دائمة ولا منتشرة، قال تعالى: ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ﴾ (مريم: ٥٥).
وأما القحطانيون القاطنون بالحجاز مثل الأوس والخزرج وطيْء فإنهم قد تغيرت فرقهم ومواطنهم بعد سَيْل العَرم وانقسموا أقواماً جُدداً ولم يأتهم نذير منذ ذلك الزمن وإن كان المنذِرون قد جاءوا أسلافَهم مثلُ هود وصالح وتُبع، فذلك كان قبل تقوُّم قوميتهم الجديدة.
وإما أن يكون المراد العرَب كلَّهم بما يشمل أهل اليمن واليمامة والبحرين وغيرهم ممن شملتهم جزيرة العرب وكلّهم لا يعْدون أن يرجعوا إلى ذيْنك الجِذمين، وقد كان انقسامهم أقواماً ومواطن بعد سَيل العَرم ولم يأتهم نذير بعد ذلك الانقسام كما تقدم في حال القحطانيين من أهل الحجاز. وأما ما ورد من ذكر حنظلة بن صَفوان صاحب أهل الرَّسّ، وخالد بن سِنان صاحب بني عَبْس فلم يثبت أنهما رسولان واختُلف في نبوّتهما. وقد روي أن ابنة خالد بن سنان وفدت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم


الصفحة التالية
Icon