" صفحة رقم ٢٢٨ "
حالة أكمل الإيمان وهي حالة المؤمنين مع النبي صلى الله عليه وسلّم يومئذ عرفوا بها، وهذا كما تقول للسائل عن علماء البلد: هم الذين يلبسون عمائم صفتها كذا. جاء في ترجمة مالك بن أنس أنه ما أفتى حتى أجازه سبعون محنَّكاً، أي عالماً يجعل شُقة من عمامته تحت حنكه وهي لبسة أهل الفقه والحديث. قال مالك رحمه الله: قلت لأُمي: أذهبُ فأكتبُ العلم، فقالت: تعالَ فالبسْ ثياب العلم. فألبستني ثياباً مشمّرة ووضعت الطويلة على رأسي وعممتني فوقها.
والخرور: الهُوِيّ من علوّ إلى سفل.
والسجود: وضع الجبهة على الأرض إرادة التعظيم والخضوع.
وانتصب ﴿سُجَّدًا﴾ على الحال المبينة للقصد من ﴿خَرُّوا ﴾ أي: سجداً لله وشكراً له على ما حبَاهم به من العلم والإيمان كما دل عليه قرنه بقوله ﴿وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ والباء فيه للملابسة وتقدم في سورة الإسراء :﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِا إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلاذْقَانِ سُجَّدًا﴾.
ودلّت الجملة الشرطية على اتصال تعلق حصول الجواب بحصول الشرط وتلازمهما. وجيء في نفي التكبر عنهم بالمسند الفعلي لإفادة اختصاصهم بذلك، أي دون المشركين الذين كان الكبر خلقهم فهم لا يرضون لأنفسهم بالانقياد للنبيء منهم وقالوا: ﴿لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَا ا ِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِى أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا﴾ (الفرقان: ٢١).
وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ موضع سجدة من سجدات تلاوة القرآن رجاء أن يكون التالي من أولئك الذين أثنى الله عليهم بأنهم إذا ذُكِّروا بآيات الله سجدوا، فالقارىء يقتدي بهم.
وجملة ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ﴾ حال من الموصول، أي: الذين إذا ذُكِّروا بها خرّوا ومَن حالهم تتجافى جنوبهم عن المضاجع، أو استئناف. وجيء فيها بالمضارع لإفادة تكرر ذلك وتجدده منهم في أجزاء كثيرة من الأوقات المعدة لاضطجاع وهي الأوقات التي الشأن فيها النوم.


الصفحة التالية
Icon