" صفحة رقم ٢٦٤ "
وتوكيداً على منوال : فلان ينطق بالحَق والحقُ أبلج، وفصل قوله ) ما جعَل الله لرجل من قلبين في جوفه ( ( الأحزاب : ٤ ) على سبيل الاستئناف تنبيهاً على بعض من أباطيلهم. وقوله :( ذلكم قولكم بأفواهكم ( ( الأحزاب : ٤ ) فذلكة لتلك الأحوال آذنت بأنها من البطلان وحقيق بأن يذم قائله. ووَصل قوله ) والله يقول الحقّ وهو يهدي السبيل ( ( الأحزاب : ٤ ) على هذه الفذلكة بجامع التضاد على منوال ما سبق في المجمل في ) ولا تطع ( و ) اتبع، ( وفَصل قوله ) ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ( وقوله ) النبي أولى بالمؤمنين ( ( الأحزاب : ٦ )، وهلم جرّاً إلى آخر السورة تفصيلاً لقول الحق والاهتداء إلى السبيل القويم اه.
عطف على جملة ) ادعوهم لآبائهم ( لأن الأمر فيها للوجوب فهو نهي عن ضده لتحريمه كأنه قيل : ولا تدعوهم للذين تبنوهم إلا خطأ.
والجناح : الإثم، وهو صريح في أن الأمر في قوله ) ادعوهم لآبائهم ( أمر وجوب.
ومعنى ) فيما أخطأتم به ( ما يجري على الألسنة خارجاً مخرج الغالب فيما اعتادوه أن يقولوا : فلان ابن فلان للدّعي ومتبنيه، ولذلك قابله بقوله ) ولكن ما تعمّدت قلوبكم ( أي : ما تعمدته عقائدكم بالقصد والإرادة إليه. وبهذا تقرر إبطال حكم التبني وأن لا يقول أحد لِدَعِيِّه : هو ابني، ولا يقول : تبنيت فلاناً، ولو قاله أحد لم يكن لقوله أثر ولا يعتبر وصية وإنما يعتبر قولُ الرجل : أنزلت فلاناً منزلة ابن لي يرث ما يرثه ابني. وهذا هو المسمى بالتنزيل وهو خارج مخرج الوصية بمناب وارث إذا حمله ثلث الميت. وأما إذا قال لمن ليس بابنه : هو ابني، على معنى الاستلحاق فيجري على حكمه إن كان المنسوبُ مجهول النسب ولم يكن الناسب مريداً التلطف والتقريب. وعند أبي حنيفة وأصحابه من قال : هو ابني، وكان أصغر من القائل وكان مجهول النسب سناً ثبت