" صفحة رقم ٢٦٥ "
نسبه منه، وإن كان عبده عَتق أيضاً، وإن كان لا يولد مثله لمثله لم يثبت النسب ولكنه يعتق عليه عند أبي حنيفة خلافاً لصاحبيه فقالا : لا يعتق عليه. وأما معروف النسب فلا يثبت نسبه بالقائل فإن كان عبداً يعتق عليه لأن إطلاقه ممنوع إلا من جهة النسب فلو قال لعبده : هو أخي، لم يعتق عليه إذا قال : لم أرِدْ به أخوة النسب لأن ذلك يطلق في أخوة الإسلام بنص الآية، وإذا قال أحد لدعيّه : يا بني، على وجه التلطف فهو ملحق بالخطأ ولا ينبغي التساهل فيه إذا كانت فيه ريبة.
وقوله ) ادعوهم لآبائهم ( يعود ضمير أمره إلى الأدعياء فلا يشمل الأمرُ دعاء الحفدة أبناء لأنهم أبناء. وقد قال النبي ( ﷺ ) في الحَسن رضي الله عنه :( إنّ ابني هذا سيّد ) وقال :( لا تُزْرِموا ابني ) أي : لا تقطعوا عليه بوله. وكذلك لا يشمل ما يقوله أحد لآخر غير دعيٍ له : يا ابني، تلطّفاً وتقرباً، فليس به بأس لأن المدعو بذلك لم يكن دعياً للقائل ولم يزل الناس يدعون لداتهم بالأخ أو الأخت، قال الشاعر :
أنتتِ أختي وأنت حرمة جاري
وحرام عليّ خون الجوار
ويَدعون من هو أكبر باسم العم كثيراً، قال النمر بن تولب :
دعاني الغواني عَمَّهن وخلتُني
لي اسم فلا أدعى به وهو أول
يريد : أنهن كنّ يدعونه : يا أخي.
ووقوع ) جناح ( في سياق النفي ب ) ليس ( يقتضي العموم فيفيد تعميم انتفاء الإثم عن العمل الخطأ بناء على قاعدة عدم تخصيص العام بخصوص سببه الذي ورد لأجله وهو أيضاً معْضود بتصرفات كثيرة في الشريعة، منها قوله تعالى :( ربنا لا تؤاخذنا إن نسِينا أو أخطأنا ( ( البقرة : ٢٨٦ )، وقول النبي ( ﷺ ) ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أُكرِهُوا عليه ).
ويفهم من قوله ) ادعوهم لآبائهم ( النهيُ عن أن ينسب أحد إلى غير أبيه بطريق لحن الخطاب. وفي الحديث :( من انتسب إلى غير أبيه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يَقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ).