" صفحة رقم ٢٦٦ "
ويخرج من النهي قول الرجل لآخر : أنت أبي وأنا ابنك على قصد التعظيم والتقريب وذلك عند انتفاء اللبس، كقول أبي الطيب يُرقق سيف الدولة :
إنما أنتَ والد والأبُ القا
طع أحنَى من واصل الأولاد
وجملة ) كان اللَّه غفوراً رحيماً ( ( الأحزاب : ٢٤ ) تعليل نفي الجناح عن الخطأ بأن نفي الجناح من آثار اتصاف الله تعالى بالمغفرة والرحمة بخلقه.
استئناف بياني أن قوله تعالى :( وما جعل أدعياءكم أبناءكم ( الأحزاب : ٤ ) وقوله ) ادعوهم لآبائهم ( ( الأحزاب : ٥ ) كان قد شمل في أول ما شمله إبطال بنوّة زيد بن حارثة للنبيء ( ﷺ ) فكان بحيث يثير سؤالاً في نفوس الناس عن مدى صلة المؤمنين بنبيئهم ( ﷺ ) وهل هي علاقة الأجانب من المؤمنين بعضهم ببعض سواء فلأجل تعليم المؤمنين حقوق النبي وحرمته جاءت هذه الآية مبينة أن النبي أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم. والمعنى : أنه أولى بكل مؤمن من أنفس المؤمنين. و ) مِنْ ( تفضيلية.
ثم الظاهر أن الأنفس مراد بها جمع النفس وهي اللطيفة الإنسانية كقوله ) تعلم ما في نفسي ( ( المائدة : ١١٦ )، وأن الجمع للتوزيع على كل مؤمن آيل إلى كل فرد من الأنفس، أي : أن النبي أولى بكل مؤمن من نفس ذلك المؤمن، أي : هو أشد ولاية، أي : قرباً لكل مؤمن من قرب نفسه إليه، وهو قرب معنوي يراد به آثار القرب من محبة ونصرة. ف ) أوْلَى ( اسم تفضيل من الوَلْي وهو القرب، أي : أشد قرباً. وهذا الاسم يتضمن معنى الأحقية بالشيء فيتعلق به متعلِّقه ببناء المصاحبة والملابسة. والكلام على تقدير مضاف، أي : أولى بمنافع المؤمنين أو بمصالح المؤمنين، فهذا المضاف حذف لقصد تعميم كل شأن من شؤون المؤمنين الصالحة.