" صفحة رقم ٢٧١ "
و ) أولوا الأرحام ( مبتدأ، و ) بعضهم ( مبتدأ ثان و ) أوْلَى ( خبرُ الثاني والجملة خبر المبتدأ الأول، و ) في كتاب الله ( متعلق ب ) أوْلى.
وقوله من المؤمنين والمهاجرين ( يجوز أن يتعلق باسم التفضيل وهو ) أولى ( فتكون ) مِن ( تفضيلية. والمعنى : أولوا الأرحام أولى بإرث ذوي أرحامهم من إرث أصحاب ولاية الإيمان والهجرة بتلك الولاية، أي : الولاية التي بين الأنصار والمهاجرين. وأريد بالمؤمنين خصوصُ الأنصار بقرينة مقابلته بعطف ) والمهاجرين ( على معنى أصحاب الإيمان الكامل تنويهاً بإيمان الأنصار لأنهم سبقوا بإيمانهم قبل كثير من المهاجرين الذين آمنوا بعدهم فإن الأنصار آمنوا دَفعة واحدة لمّا أبلغهم نقباؤهم دعوة محمد ( ﷺ ) إياهم بعد بيعة العقبة الثانية. قال تعالى :( والذين تبوّءوا الدار والإيمان من قبلهم ( ( الحشر : ٩ ) أي : من قبل كثير من فقراء المهاجرين عدا الذين سبق إيمانهم. فالمعنى : كل ذي رحم أولى بإرث قريبه من أن يرثه أنصاري إن كان الميت مهاجراً، أو أن يرثه مهاجر إن كان الميت من الأنصار، فيكون هذا ناسخاً للتوارث بالهجرة الذي شرع بآية الأنفال :( والذين ءامنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولاَيَتهم من شيء حتى يهاجروا، فتوارث المسلمون بالهجرة فكان الأعرابي المسلم لا يرث قريبه المهاجر، ثم نسخ بآية هذه السورة. ويجوز أن يكون قوله من المؤمنين ( ظرفاً مستقرّاً في موضع الصفة، أي : وأولوا الأرحام الكائنون من المؤمنين والمهاجرين، بعضهم أولى ببعض، أي : لا يرث ذو الرحم ذا رحمه إلا إذا كانا مؤمنيْن ومهاجرين، فتكون الآية ناسخة للتوارث بالحلف والمؤاخاة الذي شرع عند قدوم المهاجرين إلى المدينة، فلما نزلت هذه الآية رجعوا إلى مواريثهم فبينت هذه الآية أن القرابة أولى من الحلف والمواخاة، وأيّاً مَّا كان فإن آيات المواريث نسخت هذا كله. ويجوز أن تكون ) من ( بيانية، أي : وأولوا الأرحام المؤمنون والمهاجرون، أي : فلا يرث أولوا الأرحام الكافرون ولا يرث من لم يهاجر من المؤمنين لقوله تعالى :( والذين كَفَروا بعضُهم أولياء بعض ( ( الأنفال : ٧٣ ) ثم قال :( والذين ءامنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا ( ( الأنفال : ٧٢ ).


الصفحة التالية
Icon