" صفحة رقم ٢٨٢ "
وسيأتي تفصيل ذلك عند قوله تعالى ) فما ظنكم برب العالمين في سورة الصافات.
وانتصب الظنونا ( على المفعول المطلق المبين للعدد، وهو جمع ظن. وتعريفه باللام تعريف الجنس، وجمعه للدلالة على أنواع من الظن كما في قول النابغة :
أبيتك عارياً خلقاً ثيابي
على خوف تظن بي الظنون
وكتب ) الظنونا ( في الإمام بألف بعد النون، زيدت هذه الألف في النطق للرعاية على الفواصل في الوقوف، لأن الفواصل مثل الأسْجاع تعتبر موقوفاً عليها لأن المتكلم أرادها كذلك. فهذه السورة بنيت على فاصلة الألف مثل القصائد المقصورة، كما زيدت الألف في قوله تعالى ) وأطعنا الرسولا ( ( الأحزاب : ٦٦ ) وقوله :( فأضلونا السبيلا ( ( الأحزاب : ٦٧ ).
وعن أبي علي في ( الحجة ) : من أثبت الألف في الوصل لأنها في المصحف كذلك وهو رأس آية ورؤوس الآيات تشبه بالقوافي من حيث كانت مقاطع، فأما في طرح الألف في الوصل فإنه ذهب إلى أن ذلك في القوافي وليس رؤوس الآي بقواففٍ.
فأما القراء فقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر عن عاصم وأبو جعفر بإثبات الألف في الوصل والوقف. وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم والكسائي بحذف الألف في الوصل وإثباتها في الوقف. وقرأ أبو عمرو وحمزة ويعقوب بحذف الألف في الوصل والوقف، وقرأ خلف بإثبات الألف بعد النون في الوقف وحذفها في الوصل. وهذا اختلاف من قبيل الاختلاف في وجوه الأداء لا في لفظ القرآن. وهي كلها فصيحة مستعملة والأحسن الوقف عليها لأن الفواصل كالأسجاع والأسجاع كالقوافي.
والإشارة ب ) هُنَالك ( إلى المكان الذي تضمنه قوله ) جاءتكم جنود ( ( الأحزاب : ٩ ) وقوله ) إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم. ( والأظهر أن تكون الإشارة إلى الزمان الذي دلت عليه ) إذْ في قوله : وإذ زاغت الأبصار. ( وكثيراً ما ينزّل أحد الظرفين منزلة الآخر ولهذا قال ابن عطية :( هنالك : ظرف زمان والعامل فيه


الصفحة التالية
Icon