" صفحة رقم ٢٩٨ "
والسَلْق : قوة الصوت والصياح. والمعنى : رفعوا أصواتهم بالملامة على التعرض لخطر العدوّ الشديد وعدم الانصياع إلى إشارتهم على المسلمين بمسالمة المشركين، وفسر السلق بأذى اللسان. قيل : سأل نافعُ بن الأزرق عبد الله بن عباس عن ) سلقوكم ( فقال : الطعن باللسان. فقال نافع : هل تعرف العرب ذلك ؟ فقال : نعم، أما سمعت قول الأعشى :
فيهم الخصب والسماحة والنج
دة فيهم والخَاطب المِسلاق
و ) حِداد : جمع حديد، وحَديد : كل شيء نافذُ فعللِ أمثاله قال تعالى فَبَصُرك اليومَ حديد ( ( ق : ٢٢ ).
وانتصب ) أشحة على الخير ( على الحال من ضمير الرفع في ) سلقوكم، ( أي : خاصموكم ولامُوكم وهم في حال كونهم أشحة على ما فيه الخير للمسلمين، أي أن خصامهم إياهم ليس كما يبدو خوفاً على المسلمين واستبقاء عليهم ولكنه عن بغض وحقد ؛ فإن بعض اللوم والخصام يكون الدافع إليه حُبّ الملوم وإبداء النصيحة له، وأقوال الحكماء والشعراء في هذا المعنى كثيرة.
ويجوز أن يكون الخير هنا هو المال كقوله تعالى ) إن ترك خيراً ( ( البقرة : ١٨٠ ) وقوله :( وإنه لحب الخير لشديد ( ( العاديات : ٨ )، أي : هم في حالة السلم يُسرعون إلى مَلامكم ولا يواسونكم بأمْوالهم للتجهيز للعدوّ إن عاد إليكم. ودخلت ) على ( هنا على المبخول به.
جيء باسم الإشارة لقصد تمييزهم بتلك الصفات الذميمة التي أجريت عليهم من قبلُ، وللتنبيه على أنهم أحرياء بما سيرد من الحُكم بعد اسم الإشارة، كقوله تعالى :( أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون في سورة البقرة.
وقد أجري عليهم حكم انتفاء الإيمان عنهم بقوله أولئك لم يؤمنوا ( كشفاً لدخائلهم لأنهم كانوا يوهمون المسلمين أنهم منهم كما قال تعالى :( وإذا لَقُوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا في سورة البقرة.