" صفحة رقم ٣١٢ "
صفة ذلك التسليم. ويقال لهذا النوع من المصالحة : النزول على حُكم حَكَم، فأرسلوا شَاس بن قيس إلى النبي ( ﷺ ) يعرضون أن ينزلوا على مثل ما نزلت عليه بنو النضير من الجَلاء على أن لهم ما حَملَتْ الإبلُ إلا الحَلَقة، فأبى رسول الله ( ﷺ ) قبول ذلك وبعد مداولات نزلوا على حكم سَعْد بن معاذ، فحكم سعد أن تقتل المقَاتِلة وتُسبَى النساء والذَّراري وأن تكون ديارهم للمهاجرين دون الأنصار فأمضى رسول الله ( ﷺ ) ما حكم به سعد كما هو مفصل في السيرة.
ومعنى ) ظاهروهم ( ناصروهم وأعانوهم، وتقدم في قوله تعالى :( ولم يظاهروا عليكم أحداً في سورة براءة.
والإنزال : الإهباط، أي : من الحصون أو من المعتصمات كالجبال.
والصياصي : الحصون، وأصلها أنها جمع صِيصَيَة وهي القَرْن للثَّوْر ونحوه. قال عبد بني الحسحاس :
فأصبحت الثيرانُ غرقَى وأصبحت
نساءُ تميم يلتقطن الصَّيَاصيا
أي : القرون لبيعها. كانوا يستعملون القرون في مناسِج الصوف ويتخذون أيضاً منها أوعية للكحل ونحوه، فلما كان القرن يدافع به الثوْر عن نفسه سمي المَعقل الذي يعتصم به الجيش صيصية والحصونُ صياصيَ.
والقذف : الإلقاء السريع، أي : جعل الله في قلوبهم الرعب بأمره التكويني فاستسلموا ونزلوا على حكم المسلمين. والفريق الذين قُتلوا هم الرجال وكانوا زهاء سبعمائة والفريق الذين أُسروا هم النساء والصبيان.
والخطاب من قوله فريقاً تقتلون ( إلى آخره... للمؤمنين تكملة للنعمة التي أنبأ عنها قوله :( يا أيها الذين ءامنوا اذكروا نِعمة الله عليكم إذْ جاءَتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً ( ( الأحزاب : ٩ ) الآية، أي : فأهلكنا الجنود وردهم الله بغيظهن وسلطكم على أحلافهم وأنصارهم.


الصفحة التالية
Icon