" صفحة رقم ٤٨ "
يعلمها، فالمشيئة هي الإرادة، أي : ينصر من يريد نصره، وإرادته تعالى لا يُسأل عنها، ولذلك عُقب بقوله ) وَهُوَ العَزِيزُ ( فإن العزيز المطلق هو الذي يغلب كل مغالب له، وعقبه ب ) الرَّحِيم ( للإشارة إلى أن عزّته تعالى لا تخلو من رحمة بعباده ولولا رحمته لما أدال للمغلوب دولة على غالبه مع أنه تعالى هو الذي أراد غلبة الغالب الأول، فكان الأمر الأول بعزته والأمر الثاني برحمته للمغلوب المنكوب وترتيب الصفتين العليتين منظور فيه لمقابلة كل صفة منهما بالذي يناسب ذكره من الغلبين، فالمراد رحمته في الدنيا.
( ٦ ٧ )
انتصب ) وعد الله ( على المفعولية المطلقة. وهذا من المفعول المطلق المؤكد لمعنى جملةٍ قبله هي بمعناه ويُسميه النحويون مصدراً مؤكداً لنفسه تسمية غريبة يريدون بنفسه معناه دون لفظه. ومثله في ( الكشاف ) ومثلوه بنحو ( لك عليَّ ألفٌ عرفاً ) لأن عرفاً بمعنى اعترافاً، أكد مضمون جملة : لك علي ألف، وكذلك ) وَعْدَ الله ( أكد مضمون جملة ) وهُمْ مِنْ بَعْدِ غلبهم سيغلبون في بِضع سنين ( ( الروم : ٣، ٤ ).
وإضافة الوعد إلى الله تلويح بأنه وعد محقق الإيفاء لأن وعد الصادق القادر الغني لا موجب لإخلافه. وجملة ) لا يخلف الله وعده ( بيان للمقصود من جملة ) وَعْدَ الله ( فإنها دلت على أنه وعد محقَّق بطريق التلويح، فبيّن ذلك بالصريح بجملة ) لاَ يُخْلِفُ الله وَعْدَهُ. ( ولكونها في موقع البيان فصلت ولم تعطف، وفائدة الإجمال ثم التفصيل تقرير الحكم لتأكيده، ولما في جملة ) لاَ يُخْلِفُ الله وَعْدَهُ ( من إدخال الرَّوع على المشركين بهذا التأكيد. وسماه وعداً نظراً لحال المؤمنين الذي هو أهم هنا. وهو أيضاً وعيد للمشركين بخذلان أشياعهم ومن يفتخرون بمماثلة دِينهم.
وموقع الاستدراك في قوله ) ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( هو ما اقتضاه


الصفحة التالية
Icon