" صفحة رقم ٥١ "
الفصل لإفادة الاختصاص بهم، أي هم الغافلون عن الآخرة دون المؤمنين.
ومن البديع الجمع بين لا يَعْلَمون ( و ) يَعْلَمُون. ( وفيه الطباق من حيث ما دلّ عليه اللفظان لا من جهة متعلقهما. وقريب منه قوله تعالى ) ولقَد عَلمُوا لِمن اشتَرَاه ما لَهُ في الآخِرَة من خلاق ولبِئْسَ ما شَرَوْا به أنفُسَهُم لَو كَانُوا يَعْلَمون ( ( البقرة : ١٠٢ ).
عطف على جملة ) وهُمْ عن الآخرةِ هم غَافِلون ( ( الروم : ٧ ) لأنهم نفوا الحياة الآخرة فسيق إليهم هذا الدليل على أنها من مقتضى الحكمة.
فضمير ) يتفكروا ( عائد إلى الغافلين عن الآخرة وفي مقدمتهم مشركو مكة. والاستفهام تعجيبي من غفلتهم وعدم تفكرهم. والتقدير : هم غافلون وعجيب عدم تفكرهم. ومناسبة هذا الانتقال أن لإحالتهم رجوع الدَّالة إلى الروم بعد انكسارهم سببين :
أحدهما : اعتيادهم قصر أفكارهم على الجولان في المألوفات دون دائرة الممكنات، وذلك من أسباب إنكارهم البعث وهو أعظم ما أنكروه لهذا السبب.
وثانيهما : تمردهم على تكذيب الرسول ( ﷺ ) بعد أن شاهدوا معجزته فانتقل الكلام إلى نقض آرائهم في هذين السببين.
والتفكر : إعمال الفكر، أي الخاطر العقلي للاستفادة منه، وهو التأمل في الدلالة العقلية. وقد تقدم عند قوله تعالى ) قُلْ هَلْ يَسْتوي الأعْمَى والبَصِير أفَلا تَتَفَكرون في سورة الأنعام.
والأنفس : جمع نفْس. والنفس يطلق على الذات كلها، ويطلق على باطن الإنسان، ومنه قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام : تعْلَم مَا فِي نَفْسِي ( ( المائدة : ١١٦ )


الصفحة التالية
Icon