" صفحة رقم ٧١ "
العائلة وأساس التناسل، وهو نظام عجيب جعله الله مرتكزاً في الجبلة لا يشذ عنه إلا الشذاذ.
وهي آية تنطوي على عدة آيات منها : أن جُعل للإنسان ناموس التناسل، وأن جُعل تناسله بالتزاوج ولم يجعله كتناسل النبات من نفسه، وأن جعل أزواج الإنسان من صنفه ولم يجعلها من صنف آخر لأن التأنس لا يحصل بصنف مخالف، وأن جعل في ذلك التزاوج أنساً بين الزوجين ولم يجعله تزاوجاً عنيفاً أو مهلكاً كتزاوج الضفادع، وأن جعل بين كل زوجين مودة ومحبة فالزوجان يكونان من قبل التزاوج متجاهلين فيصبحان بعد التزاوج متحابين، وأن جعل بينهما رحمة فهما قبل التزاوج لا عاطفة بينهما فيصبحان بعده متراحمين كرحمة الأبوة والأمومة، ولأجل ما ينطوي عليه هذا الدليل ويتبعه من النعم والدلائل جعلت هذه الآية آياتتٍ عدة في قوله ) إن في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون. ( وهذه الآية كائنة في خلق جوهر الصنفين من الإنسان : صنف الذكر، وصنف الأنثى، وإيداع نظام الإقبال بينهما في جبلتهما. وذلك من الذاتيات النسبية بين الصنفين. وقد أدمج في الاعتبار بهذه الآية امتنان بنعمة في هذه الآية أشار إليها قوله ) لكم ( أي لأجل نفعكم.
و ) لقوم يتفكرون ( متعلق ب ) آيات ( لما فيه من معنى الدلالة. وجعلت الآيات لقوم يتفكرون لأن التفكر والنظر في تلك الدلائل هو الذي يجلي كنهها ويزيد الناظر بصارة بمنافع أخرى في ضمنها.
والذين يتفكرون : المؤمنون وأهل الرأي من المشركين الذين يؤمنون بعد نزول هذه الآية. والخطاب في قوله ) أن خَلَق لكم ( لجميع نوع الإنسان الذكور والإناث.
والزوج : هو الذي به يصير للواحد ثاننٍ فيطلق على امرأة الرجل ورجل المرأة فجعل الله لكل فرد زوجه.