" صفحة رقم ٨٥ "
أُتبع ضرب المثل لإمكان إعادة الخلق عَقِبَ دليل بدئه بضرببِ مثل لإبطال الشرك عقب دليليه المتقدمين في قوله تعالى ) يُخرج الحي من الميت ( ( الروم : ١٩ ) وقوله ) ويحيي الأرض بعد موتها ( ( الروم : ١٩ ) لينتظم الدليل على هذين الأصلين المهمين : أصل الوحدانية، وأصل البعث، وينكشف بالتمثيل والتقريب بعد نهوضه بدليل العقل. والخطاب للمشركين.
وضرب المثل : إيقاعه ووضعه، وعليه فانتصاب ) مثلاً ( على المفعول به، أو يراد بضربه جعله ضرباً، أي مِثْلاً ونظيراً، وعليه فانتصاب ) مثلاً ( على المفعولية المطلقة لأن ) مَثَلاً ( حينئذ يرادف ضرباً مصدر ضربَ بهذا المعنى. وقد تقدم عند قوله تعالى ) إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما في سورة البقرة. واللام في لكم ( لام التعليل، أي ضرب مثلاً لأجلكم، أي لأجل إفهامكم.
و ) مِن ( في قوله ) مِن أنفسكم ( ابتدائية متعلقة ب ) ضرَب ( أي جعل لكم مثلاً منتزعاً من أنفسكم. والأنفس هنا جنس الناس كقوله ) فسلِّموا على أنفسكم ( ( النور : ٦١ ) أي مثَلاً من أحوال جماعتكم إذ لا تخلو الجماعة عن ناس لهم عبيد وهم يعرفون أحوال العبيد مع سادتهم سواء منهم من يملك عبيداً ومن لا عبيد له. فالخطاب لجميع الأمة باعتبار وجود فريق فيهم ينطبق عليهم هذا المثَل. والاستفهام مستعمل في الإنكار ومناط الإنكار قوله ) فيما رزقناكم ( إلى آخره، أي من شركاء لهم هذا الشأن.
و ) مِن ( في قوله ) من ما ملكت أيمانكم ( تبعيضية، و ) مِن ( في قوله ) مِن شركاء ( زائدة مؤكدة لمعنى النفي المستفاد من الاستفهام الإنكاري. فالجمع بين هذه الحروف في كلام واحد من قبيل الجناس التام.


الصفحة التالية
Icon