" صفحة رقم ٩٨ "
وثمّ ( للتراخي الرتبي لأن إشراكهم بالله بعد الدعاء والإنابة وحصول رحمته أعجب من إشراكهم السابق، ففي التراخي الرتبي معنى التعجيب من تجدد إشراكهم، وحَرْف المفاجأة ) إذا يفيد أيضاً أن هذا الفريق أسرعوا العودة إلى الشرك بحدثان ذوق الرحمة لتأصل الكفر منهم وكمونه في نفوسهم.
وضمير منه ( عائد إلى الله تعالى. و ) مِن ( ابتدائية متعلقة ب ) أصابهم. ( و ) رحمة ( فاعل ) أصابهم ( ولم يؤنث لها الفعل لأن تأنيث مسمى الرحمة غير حقيقي ولأجل الفصل بالمجرور. وتقديم المجرور على الفاعل للاهتمام به ليظهر أن الذي أصابهم هو من فضل الله وتقديره لا غير ذلك. واللام في قوله ) لِيَكْفروا ( لام التعليل وهي مستعارة لمعنى التسبب الذي حقه أن يفاد بالفاء لأنهم لما أشركوا لم يريدوا بشركهم أن يجعلوه علة للكفر بالنعمة ولكنهم أشركوا محبة للشرك فكان الشرك مفضياً إلى كفرهم نعمة الله خشية الإفضاء والتسبب بالعلة الغائية على نحو قوله تعالى :( فالتقطه ءال فرعون ليكون لهم عدوّاً وحَزَناً ( ( القصص : ٨ ).
وضمير ) ليكفروا ( عائد إلى الفريق باعتبار معناه.
والإيتاء : إعطاء النافع، أي بما أنعمنا عليهم من النعم التي هي نعمة الإيجاد والرزق وكشف الضر عنهم. ثم التفت عن الغيبة إلى الخطاب بقوله ) فتمتعوا ( توبيخاً لهم وإنذاراً، وجيء بفاء التفريع في قوله ) فتمتعوا ( لأن الإنذار والتوبيخ مفرعان عن الكلام السابق. والأمر في ( تمتعوا ) مستعمل في التهديد والتوبيخ. والتمتع : الانتفاع بالملائم وبالنعمة مدة تنقضي.
والفاء في ) فسوف تعلمون ( تفريع للإنذار على التوبيخ، وهو رشيق. و ( سوف تعلمون ) إنذار بأنهم يعلمون في المستقبل شيئاً عظيماً، والعلم كناية عن حصول الأمر الذي يُعلم، أي عن حلول مصائب بهم لا يعلمون كنهها الآن، وهو إيماء إلى عظمتها وأنها غير مترقبة لهم. وهذا إشارة إلى ما سيصابون به