" صفحة رقم ١٤٤ "
و ) معاجزين ( مبالغة في مُعْجِزين، وهو تمثيل : شُبِّهت حالهم في مكرهم بالنبي ( ﷺ ) بحال من يمشي مشياً سريعاً ليسبق غيره ويعجزه. والعذاب : عذاب جهنم. والرّجز : أسوَأْ العذاب وتقدم في قوله تعالى :( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون في سورة البقرة. ومِن ( بيانية فإن العذاب نفسه رجز.
وقرأ الجمهور :( معاجزين ( بصيغة المفاعلة تمثيلاً لحال ظنهم النجاة والانفلات من تعذيب الله إياهم بإنكارهم البعث والرسالة بحال من يسابق غيره ويعاجزه، أي يحاول عجزه عن لحاقه.
وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وحده ) معجِّزين ( بصيغة اسم الفاعل من عجّز بتشديد الجيم، ومعناه : مثبطين الناس عن اتباع آيات الله، أو معجزين من آمن بآيات الله بالطعن والجدال.
وقرأ الجمهور :( أليمٍ ( بالجر صفة ل ) رجز ). وقرأه ابن كثير وحفص ويعقوب بالرفع صفة ل ) عذاب (، وهما سواء في المعنى.
عطف على ) ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( ( سبأ : ٤ ) وهو مقابل جزاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فالمراد بالذين سَعوا في الآيات الذين كفروا، عدل عن جعل صلة اسم الموصول ) كفروا ( ( سبأ : ٣ ) لتصلح الجملة أن تكون تمهيداً لإِبطال قول المشركين في الرسول ( ﷺ ) ) أفترى على الله كذباً أم به جنة ( ( سبأ : ٨ )، لأن قولهم ذلك كناية عن بطلان ما جاءهم به من القرآن في زعمهم فكان جديراً بأن يمهد لإِبطاله بشهادة أهل العلم بأن ما جاء به الرسول هو الحق دون غيره من باطل أهل الشرك الجاهلين، فعطف هذه الجملة من عطف الأغراض، وهذه طريقة في إبطال شُبَه أهل الضلالة والملاحدة بأن يقدم قبل ذكر الشبهة ما يقابلها من إبطالها، وربما سلك أهل الجدل طريقة أخرى هي تقديم الشبهة ثم الكرور عليها


الصفحة التالية
Icon