" صفحة رقم ١٤٧ "
( ٧، ٨ )
انتقال إلى قولة أخرى من شناعة أهل الشرك معطوفة على ) وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة ( ( سبأ : ٣ ). وهذا القول قائم مقام الاستدلال على القول الأول لأن قولهم ) لا تأتينا الساعة ( دعوى وقولهم :( هل ندلّكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد ( مستنَد تلك الدعوى، ولذلك حكي بمثل الأسلوب الذي حكيت به الدعوى في المسند والمسند إليه.
وأدمجوا في الاستدلال التعجيب من الذي يأتي بنقيض دليلهم، ثم إرداف ذلك التعجيب بالطعن في المتعجَّب به.
والمخاطب بقولهم :( هل ندلكم ( غير مذكور لأن المقصود في الآية الاعتبار بشناعة القول، ولا غرض يتعلق بالمقول لهم. فيجوز أن يكون قولهم هذا تقاولاً بينهم، أو يقوله بعضهم لبعض، أو يقوله كبراؤهم لعامتهم ودهمائهم. ويجوز أن يكون قول كفار مكة للواردين عليهم في الموسم. وهذا الذي يؤذن به فعل ) ندلكم ( من أنه خطاب لمن لم يبلغهم قول النبي ( ﷺ )
والاستفهام مستعمل في العرض مثل قوله تعالى :( فقل هل لك إلى أن تزكى ( ( النازعات : ١٨ ) وهو عرض مكنّى به عن التعجيب، أي هل ندلكم على أعجوبة من رجل ينبئكم بهذا النبأ المحال.
والمعنى : تسمعون منه ما سمعناه منه فتعرفوا عذرنا في مناصبته العداء. وقد كان المشركون هَيأوا ما يكون جواباً للذين يردون عليهم في الموسم من قبائل العرب يتساءلون عن خبر هذا الذي ظهر فيهم يدعي أنه رسول من الله إلى الناس، وعن الوحي الذي يُبلغه عن الله كما ورد في خبر الوليد بن المغيرة إذ قال لقريش : إنه قد حضر هذا الموسمُ وأن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأَجْمِعوا فيه رأيا واحداً ولا تختلفوا فيكذِّب بعضكُم بعضاً ويردّ قولُكم بعضه بعضاً، فقالوا : فأنت يا أبا عبد شمس فقُل وأقم لنا رأياً نقول به. قال :


الصفحة التالية
Icon