" صفحة رقم ١٥٢ "
باعتبار كونه وصفاً لطريق الضالّ، فإسناد وصفه إلى الضلال مجازي لأنه صفة مكان الضلال وهو الطريق الذي حاد عن المكان المقصود، لأن الضالّ كلما توغّل مسافة في الطريق المضلول فيه ازداد بُعداً عن المقصود فاشتد ضلاله، وعسر خلاصه، وهو مع ذلك ترشيح للإِسناد المجازي.
وقوله :( في العذاب ( إدماج يصف به حالهم في الآخرة مع وصف حالهم في الدنيا.
والظرفية بمعنى الإِعداد لهم فحصل في حرف الظرفية مجازان إذا جُعِل العذاب والضلال لتلازمهما كأنهما حاصلان معاً، فهذا من استعمال الموضوع للواقع فيما ليس بواقع تنبيهاً على تحقيق وقوعه.
الفاء لتفريع ما بعدها على قوله :( بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب ( ( سبأ : ٨ ) الخ، لأن رؤية مخلوقات الله في السماء والأرض من شأنها أن تهديهم لو تأملوا حق التأمل.
والاستفهام للتعجيب الذي يخالطه إنكار على انتفاء تأملهم فيما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض، أي من المخلوقات العظيمة الدالة على أن الذي قدَر على خلق تلك المخلوقات من عدم هو قادر على تجديد خلق الإِنسان بعد العدم.
والرؤية بصرية بقرينة تعليق ) إلى ). فمعنى الاستفهام عن انتفائها منهم انتفاء آثارها من الاستدلال بأحوال الكائنات السماوية والأرضية على إمكان البعث، فشبه وجود الرؤية بعدمها واستعير له حرف النفي. والمقصود : حثهم على التأمل والتدبر ليتداركوا علمهم بما أهملوه. وهذا كقوله :( أفلم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيراً من الناس بلقاء ربهم لكافرون ( ( الروم : ٨ ).


الصفحة التالية
Icon