" صفحة رقم ٢٢٢ "
وقد كان حَيّ من خزاعة يقال لهم : بنو مُليح، بضم الميم وفتح اللام وسكون التحتية، يعبدون الجن والملائكة، والاقتصار على تقرير الملائكة واستشهادهم على المشركين لأن إبطال إلاهية الملائكة يفيد إبطال إلاهية ما هو دونها ممن أُعيد من دون الله بدلالة الفحوى، أي بطريق الأولى فإن ذلك التقرير من أهم ما جعل الحشر لأجله.
وتوجيه الخطاب إلى الملائكة بهذا الاستفهام مستعمل في التعريض بالمشركين على طريقة المَثل إياك أعنِي واسمَعِي يا جارة.
والإِشارة بهؤلاء ( إلى فريق كانوا عبدوا الملائكة والجن ومن شايعهم على أقوالهم من بقية المشركين.
وتقديم المفعول على ) يعبدون ( للاهتمام والرعاية على الفاصلة.
وحكي قول الملائكة بدون عاطف لوقوعه في المحاورة كما تقدم غير مرة ولذلك جيء فيه بصيغة الماضي لأن ذلك هو الغالب في الحكاية.
وجواب الملائكة يتضمن إقراراً مع التنزه عن لفظ كونهم معبودين كما يتنزه من يَحكي كفر أحد فيقول قال : هُو مشرك بالله، وإنما القائل قال : أنا مشرك بالله.
فمورد التنزيه في قول الملائكة ) سبحانك ( هو أن يكون غير الله مستحقاً أن يعبد، مع لازم الفائدة وهو أنهم يعلمون ذلك فلا يضرون بأن يكونوا مَعبودين.
والولي : الناصر والحَليف والصديق، مشتق من الوَلْي مصدر وَلِيَ بوزن عَلِم. وكلٌّ من فاعل الوَلْي ومفعوله وليّ لأن الوَلاية نسبة تستدعي طرفين ولذلك كان الولي فعيلاً صالحاً لمعنى فاعل ولمعنى مفعول. فيقع اسم الولِيّ على المُوالِي بكسر اللام وعلى المُوالَى بفتحها وقد ورد بالمعنيين في القرآن وكلام العرب كثيراً.
فمعنى ) أنت ولينا ( لا نوالي غيرك، أي لا نرضى به وليّاً، والعبادةُ ولاية بين العابد والمعبود، ورضَى المعبود بعبادة عابده إياه ولايةٌ بين المعبود وعابده، فقول الملائكة ) سبحانك ( تبرؤ من الرضى بأن يعبدهم المشركون لأن الملائكة لما