" صفحة رقم ٢٣٢ "
و واحدة صفة لمحذوف يدل عليه المقام ويفرضه السامع نحو : بخصلة، أو بقضية، أو بكلمة.
والمقصود من هذا الوصف تقليلها تقريباً للأفهام واختصاراً في الاستدلال وإيجازاً في نظم الكلام واستنزالاً لطائر نفورهم وإعراضهم.
وبنيت هذه الواحدة بقوله : أن تقوموا لله مثنى وفرادى ( إلى آخره، فالمصدر المنسبك من ) أن ( والفعل في موضع البدل من ( واحدة )، أو قُل عطف بيان فإن عطف البيان هو البدل المطابق. وإنما اختلف التعبير عنه عند المتقدمِين فلا تَخُضْ في محاولة الفرق بينهما كالذي خاضوا.
والقيام في قوله :( أن تقوموا ( مراد به المعنى المجازي وهو التأهب للعمل والاجتهاد فيه كقوله تعالى :( وأن تقوموا لليتامى بالقسط ( ( النساء : ١٢٧ ).
واللام للتعليل، أي لأجل الله ولذاته، أي جاعلين عملكم لله لا لمرضاة صاحب ولا عشيرة، وهذا عكس قوله تعالى :( وقال إنما اتخذتم من دون اللَّه أوثاناً مودّةً بينكم ( ( العنكبوت : ٢٥ )، أو لأجل معرفة الله والتدبر في صفاته.
وكلمة ) مثنى ( معدول بها عن قولهم : اثنين اثنين، بتكرير كلمة اثنين تكريراً يفيد معنى ترصيف الأشياء المتعددة بجعل كل ما يُعدّ بعدد اثنين منه مرصفاً على نحو عدده.
وكلمة ) فرادى ( معدول بها عن قولهم : فرداً فرداً تكريراً يفيد معنى الترصيف كذلك. وكذلك سائر أسماء العدد إلى تسع أو عشر ومنه قوله تعالى :( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، وتقدم في سورة النساء.
وانتصب مثنى وفرادى ( على الحال من ضمير ) تقوموا (، أي أن تكونوا في القيام على هذين الحالين فيجوز أن يكون المعنى : أن تقوموا لحق الله وإظهاره على أي حال من اجتماع وانفراد، فيكون ) مثنى ( كناية عن التعدد وهو من استعمال معنى التثنية في التكرر لأن التثنية أول التكرير فجعل التكرر لازماً للتثنية ادعاءً كما في قوله تعالى :( ثم ارجع البصر كرّتين ينقلبْ إليك البصرُ خاسئاً وهو حسير ( ( الملك : ٤ ) فإن البصر لا يرجع خاسئاً من إعادة نظرة واحدة بل المراد منه تكرير