" صفحة رقم ٢٥٠ "
منه ابتداء من الاثنين بصيغة مَثنى ثم الثلاثة والأربعة بصيغة ثُلاث ورُباع. والأكثر أنهم لا يتجاوزون بهذه الصيغة مادة الأربعة، وقيل : يجوز إلى العشرة. والمعنى : اثنين اثنين الخ. وتقدم قوله :( أن تقوموا لله مثنى وفرادى في سورة سبأ.
والكلام على أولي ( تقدم.
والمعنى : أنهم ذوو أجنحة بعضها مصففة جناحين جناحين في الصف، وبعضها ثلاثةً ثلاثة، وبعضها أربعةً أربعةً، وذلك قد تتعدد صفوفه فتبلغ أعداداً كثيرة فلا ينافي هذا ما ورد في الحديث عن عبد الله بن مسعود :( أن النبي ( ﷺ ) رأى جبريل له ستمائة جناح ).
ويجوز أن تكون أعداد الأجنحة متغيرة لكل ملك في أوقات متغيرة على حسب المسافات التي يؤمرون باختراقها من السماوات والأرضين. والأظهر أن الأجنحة للملائكة من أحوال التشكل الذي يتشكلون به. وفي رواية الزهري أن جبريل قال للنبيء ( ﷺ ) ( لو رأيت إسرافيل إنّ له لاَثنَيْ عشرَ ألفَ جناح وإن العرش لعلى كاهله ).
واعلم أن ماهية الملائكة تتحصل فيما ذكره سعد الدين في كتاب ( المقاصد ) ( إنهم أجسام لطيفة نورانية قادرة على التشكلات بأشكال مختلفة، شأنهم الخير والطاعة، والعلم، والقدرة على الأعمال الشاقة، ومسكنُهم السماوات، وقال : هذا ظاهر الكتاب والسنة وهو قول أكثر الأمة ). ا هـ. ومعنى الأجسام اللطيفة أنها من قبيل الجوهر لا العرض وأنها جواهر مما يسمى عند الحكماء بالمجردات.
وعندي : أن تعريف صاحب ( المقاصد ) لحقيقة الملائكة لا يخلو عن تخليطٍ في ترتيب التعريف لأنه خلط في التعريف بين الذاتيات والعرضيات.
والوجه عندي في ترتيب التعريف أن يقال : أجسام لطيفة نورانية أخيار ذوو قوة عظيمة، ومن خصائصهم القدرة على التشكل بأشكال مختلفة، والعلم بما تتوقف عليه أعمالهم، ومقرهم السماوات ما لم يرسلوا إلى جهة من الأرض.
وهذا التشكل انكماش وتقبض في ذرات نورانيتهم وإعطاء صورة من صور الجسمانيات الكثيفة لذواتهم. دل على تشكلهم قوله تعالى لهم يوم بدر


الصفحة التالية
Icon