" صفحة رقم ٢٥١ "
) فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ( ( الأنفال : ١٢ )، وثبت تشكل جبريل عليه السلام للنبيء ( ﷺ ) في صورة دِحْية الكلبي، وتشكله له ولعمر بن الخطاب في حديث السؤال عن الإِيمان والإِسلام والإِحسان والساعة في صورة ( رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفَر، ولا يَعرفه منا أحد ( أي من أهل المدينة ) حتى جلس إلى النبي ( ﷺ ) فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ) الحديث، وقول النبي ( ﷺ ) بعد أن فارقهم الرجل ( هل تدرون من السائل ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ) كما في ( الصحيحين ) عن عمر بن الخطاب.
وثبت حلول جبريل في غار حراء في بدء الوحي، وظهورهُ للنبيء ( ﷺ ) على كرسي بين السماء والأرض بصورته التي رآه فيها في غار حراء كما ذلك في حديث نزول سورة المدثر، ورأى كثير من أصحاب رسول الله ( ﷺ ) يومَ بدر ناساً لا يعرفونهم على خيل يقاتلون معهم.
وجملة ) يزيد في الخلق ما يشاء ( مستأنفة استئنافاً بيانياً لأن ما ذكر من صفات الملائكة يثير تعجب السامع أن يتساءل عن هذه الصفة العجيبة، فأجيب بهذا الاستئناف بأن مشيئة الله تعالى لا تنحصر ولا تُوقَّت. ولكل جنس من أجناس المخلوقات مقوماته وخواصه. فالمراد بالخلق : المخلوقات كُلّها، أي يزيد الله في بعضها ما ليس في خَلققٍ آخر. فيشمل زيادة قوة بعض الملائكة على بعض، وكل زيادة في شيء بين المخلوقات من المحاسن والفضائل من حصافة عقل وجمال صورة وشجاعة وذلقة لسان ولياقة كلام. ويجوز أن تكون جملة ) يزيد في الخلق ما يشاء ( صفة ثانية للملائكة، أي أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في خلقهم ما يشاء كأنه قيل : مثنى وثلاث ورباع وأكثر، فما في بعض الأحاديث من كثرة أجنحة جبريل يبين معنى ) يزيد في الخلق ما يشاء ). وعليه فالمراد بالخلق ما خُلق عليه الملائكة من أن لبعضهم أجنحة زائدة على من لبعض آخر.
وجملة ) إن الله على كل شيء قدير ( تعليل لجملة ) يزيد في الخلق ما يشاء (، وفي هذا تعريض بتسفيه عقول الذين أنكروا الرسالة وقالوا :( إن أنتم إلا


الصفحة التالية
Icon