" صفحة رقم ٢٦٩ "
أرضية أو مجموعة منهما حتى إذا استقامت آثارها وتهيأت أجسام لقبول أرواحها أمر الله بالنفخة الأولى والثانية فإذا الأجساد قائمة ماثلة نظير أمرِ الله بنفخ الأرواح في الأجنة عند استكمال تهيئها لقبول الأرواح.
وقد روي عن النبي ( ﷺ ) تقريب ذلك بمثل هذا مما رواه أحمد وابن أبي شيبة وقريب منه في ( صحيح مسلم ) عن عروة بن مسعود عن النبي ( ﷺ ) ( قيل لرسول الله : كيف يُحْيي الله الموتى وما آية ذلك في خلقه ؟ فقال : هل مررتَ بوادٍ أُهْلِكَ ممحلاً ثم مررتَ به يهتزُ خَضِراً ؟ قيل : نعم. قال : فكذلك يَحيِي الله الموتى وتلك آيته في خلقه ). وفي بعض الروايات عن أبي رزين العقيلي أن السائل أبو رزين.
وقرأ الجمهور ) الرياح ( بصيغة الجمع. وقرأ حمزة والكسائي ( الريح ) بالإِفراد، والمعرّف بلام الجنس يستوي فيه المفرد والجمع.
مضى ذكر غرورين إجمالاً في قوله تعالى :( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ( ( فاطر : ٥ )، ) ولا يغرنكم بالله الغرور ( ( فاطر : ٥ ) فأُخذ في تفصيل الغرور الثاني من قوله تعالى :( إن الشيطان لكم عدو ( ( فاطر : ٦ ) وما استتبعه من التنبيه على أَحجار كيده وانبعاث سموم مكره والحذرِ من مَصارع متابعته وإبداء الفرق بين الواقِعين في حبائله والمعافَيْن من أدوائه، بداراً بتفصيل الأهم والأصللِ، وأبقى تفصيل الغرور الأول إلى هنا.
وإذ قد كان أعظم غرور المشركين في شركهم ناشئاً عن قبول تعاليم كبرائهم وسادتهم وكان أعظم دواعي القادة إلى تضليل دهمائهم وصنائعهم، هو ما يجدونه من العزة والافتنان بحب الرئاسة فالقادة يجلبون العزة لأنفسهم والأتباعُ يعتزُّون بقوة قادتهم، لا جرم كانت إرادة العزّة مِلاك تكاتف المشركين بعضهم مع بعض، وتألبهم على مناوأة الإِسلام، فوُجّه الخطاب إليهم لكشففِ اغترارهم بطلبهم العزة في الدنيا، فكل مستمسك بحبل الشرك معرضٍ عن التأمل في دعوة الإِسلام، لا يُمَسِّكُه بذلك إلا إرادة العزة، فلذلك نادى عليهم القرآن بأن من


الصفحة التالية
Icon