" صفحة رقم ٢٨٩ "
النجدة إذا استنجدوا ولو كان لأمر يُضر بالمنجد. ومن أمثالهم لو دُعي الكريم إلى حتفه لأجاب، وقال ودّاك بن ثُمَيْل المازني :
إذا استُنْجدوا لم يَسألوا من دَعاهُم
لأَيَّة حرب أم بأي مكان
ولذلك سمي طلب الحمل هنا دعاء لأن في الدعاء معنى الاستغاثة.
وحذف مفعول تدع ( لقصْد العموم. والتقدير : وإن تدع مثقلة أيَّ مدعوّ.
وقوله :( إلى حملها ( متعلق ب ) تدع (، وجعل الدعاء إلى الحمل لأن الحمل سبب الدعاء وعلته. فالتقدير : وإن تدع مثقلة أحداً إليها لأجل أن يَحمل عنها حملها، فحذف أحدُ متعلقي الفعل المجرور باللام لدلالة الفعل ومتعلقه المذكور على المحذوف.
وهذا إشارة إلى ما سيكون في الآخرة، أي لو استصرخت نفس مَن يحمل عنها شيئاً من أوزارها، كما كانوا يزعمون أن أصنامهم تشفع لهم أو غيرهم، لا تجد من يجيبها لذلك.
وقوله :( ولو كان ذا قربى ( في موضع الحال من ) مثقلة ). و ) لو ( وصلية كالتي في قوله تعالى :( فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به في سورة آل عمران.
والضمير المستتر في كان ( عائد إلى مفعول ) تدع ( المحذوف، إذ تقديره : وإن تدع مثقلة أحداً إلى حِملها كما ذكرنا. فيصير التقدير : ولو كان المدعوّ ذَا قربى، فإن العموم الشمولي الذي اقتضته النكرة في سياق الشرط يصير في سياق الإِثبات عموماً بَدَليًّا.
ووجه ما اقتضته المبالغة من ) لو ( الوصلية أن ذا القربى أرق وَأشفق على قريبه، فقد يُظن أنه يغني عنه في الآخرة بأن يقاسمه الثقل الذي يؤدي به إلى العذاب فيخف عنه العذاب بالاقتسام.


الصفحة التالية
Icon