" صفحة رقم ١١٣ "
و ) مَعِين ( بفتح الميم، قيل أصله : مَعْيون. فقيل : ميمه أصلية، وهو مشتق من مَعَنَ يقال : ماء مَعْنٌ، فيكون ) مَعِين ( بوزن فَعيل مثال مبالغة من المَعْن وهو الإِبعاد في الفعل شبّه جريه بالإِبعاد في المشي، وهذا أظهر في الاشتقاق. وقيل : ميمه زائدة وهو مشتق من عانَهُ، إذا أبصره لأنه يظهر على وجه الأرض في سيلانه فوزنه مَفْعول، وأصله مَعْيُون فهو مشتق من اسم جامد وهو اسم العَين، وليس فعل عَانَ مستعملاً استغنوا عنه بفعل عَايَن.
و ) بَيْضَاءَ ( صفة ل ( كأس ). وإذ قد أريد بالكأس الخمر الذي فيها كان وصف ) بَيْضَاءَ ( للخمر. وإنما جرى تأنيث الوصف تبعاً للتعبير عن الخمر بكلمة كأس، على أن اسم الخمر يذكر ويؤنث وتأنيثها أكثر. روى مالك عن زيد بن أسلم : لونها مشرق حسن فهي لا كخمر الدنيا في منظرها الرديء من حُمرة أو سواد.
واللذة : اسم معناه إدراك ملائم نفس المدرك، يقال : لذّهُ ولذّ به، والمصدر : اللذة واللذاذة. وفعله من باب فرح، تقول : لذذت بالشيء ويقال : شيء لَذٌّ، أي لذيذ فهو وصف بالمصدر فإذا جاء بهاء التأنيث كما في هذه الآية فهو الاسم لا محالة لأن المصدر الوصف لا يؤنث بتأنيث موصوفه، يقال : امرأة عدل ولا يقال : امرأة عدلة. ووصف الكأس بها كالوصف بالمصدر يفيد المبالغة في تمكن الوصف، فقوله تعالى :( لَذَّةٍ ( هو أقصى مما يؤدي شدة الالتذاذ بكلمة واحدة، لأنه عُدل به عن الوصف الأصلي لقصد المبالغة، وعُدل عن المصدر إلى الاسم لما في المصدر من معنى الاشتقاق.
وجملة ) لا فِيها غَوْلٌ ( صفة رابعة لكأس باعتبار إطلاقه على الخمر.
والغَول، بفتح الغيْن : ما يعتري شارب الخمر من الصداع والألم، اشتق من الغَول مصدرِ غاله، إذا أهلكه. وهذا في معنى قوله تعالى :( لا يصدعون عنها ( ( الواقعة : ١٩ ).
وتقديم الظرف المسند على المسند إليه لإِفادة التخصيص، أي هو منتففٍ عن خمر الجنة فقط دونَ ما يعرف من خمر الدنيا، فهو قصر قلب. ووقوع ) غَوْلٌ (


الصفحة التالية
Icon