" صفحة رقم ١٨٧ "
قال أناسٌ باطلٌ زعمهم
فراقبوا الله ولا تزعُمُنْ
فَكَّر ( يزدانُ ) على غِرة
فصيغ من تفكيره ( أهرمُن )
وهذا الدين كان معروفاً عند بعض العرب في الجاهلية من عرب العراق المجاورين لبلاد فارس والخاضعين لسلطانهم ولم يكن معروفاً بين أهل مكة المخاطبين بهذه الآيات، ولأن الجِنّة لا يشمل الشياطين إذا أطلق فإن الشيطان كان من الجن إلا أنه تميز به صنف خاص منهم.
وجملة ) ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون ( معترضة بين جملة ) وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً ( وبين جملة ) سُبحانَ الله عمَّا يصِفُونَ ( ( الصافات : ١٥٩ ) و ) جعلوا بينه ( الخ... حال والواو حالية، وضمير ) أنهم ( عائد إلى المشركين أو إلى الجِنة، والوجهان مرادان فإن الفريقين معاقبان. والمحضَرون : المجلوبون للحضور، والمراد : محضَرون للعقاب، بقرينة مقام التوبيخ فإن التوبيخ يتبعه التهديد، والغالب في فعل الإِحضار أن يراد به إحضار سوء قال تعالى :( ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ( ( الصافات : ٥٧ ) ولذلك حذف متعلِّق ( محضرون )، فأما الإِتيان بأحد لإِكرامه فيطلق عليه المجيء. والمعنى : أن الجن تعلم كذب المشركين في ذلك كذباً فاحشاً يُجازَون عليه بالإِحضار للعذاب، فجعل ( محضرون ) كناية عن كذبهم لأنهم لو كانوا صادقين ما عذبوا على قولهم ذلك. وظاهره أن هذا العلم حاصل للجن فيما مضى، ولعل ذلك حصل لهم من زمان تمكنهم من استراق السمع. ويجوز أن يكون من استعمال الماضي في موضع المستقبل لتحقيق وقوعه مثل ) أتى أمر الله ( ( النحل : ١ )، أي ستعلم الجِنة ذلك يوم القيامة. والمقصود : أنهم يتحققون ذلك ولا يستطيعون دفع العذاب عنهم فقد كانوا يعبدون الجن لاعتقاد وجاهتهم عند الله بالصهر الذي لهم.


الصفحة التالية
Icon