" صفحة رقم ٢١٢ "
آلهتكم، فلا يتعدى إلى مفعول إن كان مجازاً فهو في الشروع فقد أريد به الشروع في الكلام فكان.
وجملة ) إن هاذَا لشيءٌ يُرادُ ( تعليل للأمر بالصبر على آلهتهم لقصد تقوية شكهم في صحة دعوة النبي ( ﷺ ) بأنها شيء أرادهُ لغرض أي ليس صادقاً ولكنه مصنوع مراد منه مقصد كما يقال : هذا أمر دُبِّر بليل، فالإِشارة ب ) هاذَا ( إلى ما كانوا يسمعونه في المجلس من دعوة النبي ( ﷺ ) إياهم أن يقولوا : لا إلاه إلا الله.
وقوله :( ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ( من كلام المَلأ. والإِشارة إلى ما أشير إليه بقولهم :( إن هاذا لشيء يراد (، أي هذا القول وهو ) أجعَلَ الآلهة إلاهاً واحداً ( ( ص : ٥ ).
والجملة مستأنفة أو مبينة لجملة ) إنَّ هاذَا لشيءٌ يُرادُ ( لأن عدم سماع مثله يبين أنه شيء مصطنع مبتدع. وإعادة اسم الإِشارة من وضع الظاهر موضع المضمر لقصد زيادة تمييزه. وفي قوله :( بهاذَا ( تقدير مضاف، أي بمثل هذا الذي يقوله. ونفي السماع هنا خبر مستعمل كناية عن الاستبعاد والاتّهام بالكذب.
و ) الملة ( : الدين، قال تعالى :( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم في سورة البقرة (، وقال :( إني تركت ملة قوم لا يؤمنون باللَّه وهم بالآخرة هم كافرون واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب في سورة يوسف ( ( ٣٧، ٣٨ ).
و ) الآخِرة ( : تأنيث الآخِر وهو الذي يكون بعد مضي مدة تقررت فيها أمثاله كقوله تعالى :( ثم اللَّه ينشىء النشأة الآخرة ( ( العنكبوت : ٢٠ ).
والمجرور من قوله :( في الملة الآخرةِ ( يجوز أن يكون ظرفاً مستقراً في موضع الحال من اسم الإِشارة بياناً للمقصود من الإِشارة متعلقاً بفعل ) سَمِعْنَا ). والمعنى : ما سمعنا بهذا قبل اليوم فلا نعتدّ به. ويجوز على هذا التقدير أن يكون المراد ب ) الملَّةِ الآخرة ( دين النصارى، وهو عن ابن عباس وأصحابه وعليه فالمشركون استشهدوا على بطلان توحيد الإِلاه بأن دين النصارى الذي ظهر قبل


الصفحة التالية
Icon