" صفحة رقم ٢١٣ "
الإِسلام أثبتَ تعدد الآلهة، ويكون نفي السماع كناية عن سماع ضده وهو تعدد الآلهة. ويجوز أن يريدوا ب ) الملَّةِ الآخِرة ( الملّة التي هُم عليها ويكون إشارة إلى قول ملأ قريش لأبي طالب في حين احْتضاره حين قال له النبي ( ﷺ ) ( يا عَم قُلْ لا إلاه إلاّ الله كلمةً أُحاجُّ لك بها عند الله. فقالوا له جميعاً : أترغب عن ملة عبد المطلب ). فقولهم :( في الملة الآخِرَةِ ( كناية عن استمرار انتفاء هذا إلى الزمن الأخير فيعلم أن انتفاءه في ملتهم الأولى بالأحرى.
وجملة ) إن هاذَا إلاَّ اختلاقٌ ( مبينة لجملة ) ما سمعنا بهاذَا ( وهذا هو المتحصل من كلامهم المبدوء ب ) امشوا واصبروا على ءَالهتِكُم ( فهذه الجملة كالفذلكة لكلامهم.
والاختلاق : الكذب المخترع الذي لا شبهة لقائله.
يجوز أن يكون ) أءُنزِلَ عليه الذكر من بيننا ( من كلام عموم الكافرين المحكي بقوله :( وقال الكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كذَّابٌ ( ( ص : ٤ ) فيكون متصلاً بقوله :( أجعَلَ الآلِهة إلاهاً واحداً ( ( ص : ٥ ) ويكون قوله ) أءُنزلَ عليه الذكرُ ( بياناً لجملة ) كَذَّابٌ ( ( ص : ٤ )، لأن تقديره : هذا كذّاب إذ هو خبر ثان ل ( كان )، ولكونه بياناً للذي قبله لم يعطف عليه ويكون ما بينهما من قوله :( وانطلق الملأُ منهم ( ( ص : ٦ ) إلى قوله :( إن هاذا إلا اختلاقٌ ( ( ص : ٧ ) اعتراضاً بين جملتي البيان.
ويجوز أن يكون من تمام كلام الملأ واستغني به عن بيان جملة ) كَذَّابٌ ( لأن نطق الملأ به كاففٍ في قول الآخرين بموجَبه فاستغنوا عن بيان جملة ) كذابٌ ).
والاستفهام إنكاري، ومناط الإِنكار هو الظرف ) من بيننا ( وهو في موضع حال من ضمير ) عليه (، فأنكروا أن يُخص محمد ( ﷺ ) بالإِرسال وإنزاللِ القرآن دون غيره منهم، وهذا هو المحكي في قوله تعالى :( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ( ( الزخرف : ٣١ ) أي من مكة أو الطائف ولم يريدوا بهذا الإِنكار


الصفحة التالية
Icon