" صفحة رقم ٢٢٠ "
( ١٢ ١٤ )
لما كان قوله :( جندٌ ما هُنالكَ مهزومٌ من الأحزاب ( ( ص : ١١ ) تسلية للنبيء ( ﷺ ) ووَعْداً له بالنصر وتعريضاً بوعيد مكذِّبيه بأنهم صائرون إلى ما صارت إليه الأحزاب الذين هؤلاء منهم كما تقدم آنفاً جيء بما هو كالبيان لهذا التعريض. والدليللِ على المصير المقصود على طريقة قياس المساواة وقد تقدم آنفاً أن هذه الجملة : إمّا بدل من جملة ) جُندٌ ما هُنَالِكَ ( الخ، وإمّا استئناف ولذلك فصلت عن التي قبلها.
وحذف مفعول ) كذَّبَتْ ( لأنه سيرد ما يُبيّنه في قوله :( إن كلٌّ إلاَّ كذَّبَ الرُّسُلَ ( كما سيأتي. وخصّ فرعون بإسناد التكذيب إليه دون قومه لأن الله أرسل موسى عليه السلام إلى فرعون ليطلق بني إسرائيل فكذب موسى فأمر الله موسى بمجادلة فرعون لإِبطال كفره فتسلسل الجدال في العقيدة ووجب إشهار أن فرعون وقومه في ضلال لئلا يغتر بنو إسرائيل بشبهات فرعون، ثم كان فرعون عقب ذلك مضمراً أذى موسى ومعلناً بتكذيبه.
ووُصف فرعون بأنه ب ) ذُو الأوْتَادِ ( لعظمة ملكه وقوته فلم يكن ذلك ليحول بينه وبين عذاب الله. وأصل ) الأوتاد ( أنه : جمع وتد بكسر التاء : عود غليظ له رأس مفلطح يدقّ في الأرض ليشد به الطُّنُب، وهو الحبل العظيم الذي تشد به شقّة البيت والخَيمة فيشد إلى الوتد وترفع الشقة على عماد البيت قال الأفوه الأوديّ :
والبيتُ لا يبتنَى إلا على عَمَد
ولا عِماد إذا لم تُرْسَ أوتاد
و ) الأوْتَادِ ( في الآية مستعار لثبات الملك والعز، كما قال الأسود بن يعفر :
ولقد غَنُوا فيها بأنعم عيشة
في ظلّ ملك ثَابت الأوتاد
وقيل :( الأوتاد ( : البناءات الشاهقة. وهو عن ابن عباس والضحّاك، سميت الأبنية أوتاداً لرسوخ أسسها في الأرض.


الصفحة التالية
Icon